إحياء علوم الدين
الناشر
دار المعرفة
مكان النشر
بيروت
علماء السوء الذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند أهلها قال ﷺ إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه وعنه ﷺ أَنَّهُ قَالَ لَا يكون المرء عالمًا حتى يكون بعلمه عاملًا (١) وقال ﷺ العلم علمان علم على اللسان فذلك حجة الله تعالى على خلقه وعلم في القلب فذلك العلم النافع (٢) وقال ﷺ يكون في آخر الزمان عباد جهال وعلماء فساق (٣) وقال ﷺ لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولتماروا به السفهاء ولتصرفوا به وجوه الناس إليكم فمن فعل ذلك فهو في النار (٤) وقال ﷺ من كتم علما عنده ألجمه الله بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ وَقَالَ ﷺ لأنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال فقيل وما ذلك فقال من الأئمة المضلين (٥) وقال ﷺ من ازداد علمًا ولم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدًا (٦) وقال عيسى ﵇ إلى متى تصفون الطريق للمدلجين وأنتم مقيمون مع المتحيرين فهذا وغيره من الأخبار يدل على عظيم خطر العلم فإن العالم إما متعرض لهلاك الأبد أو لسعادة الأبد وإنه بالخوض في العلم قد حرم السلامة إن لم يدرك السعادة
وأما الآثار فقد قال عمر ﵁ إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة المنافق العليم
قالوا وكيف يكون منافقًا عليمًا
قال عليم اللسان جاهل القلب والعمل
وقال الحسن ﵀ لا تكن ممن يجمع علم العلماء وطرائف الحكماء ويجري في العمل مجرى السفهاء
وقال رجل لأبي هريرة ﵁ أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه فقال كفى بترك العلم إضاعة له
وقيل لإبراهيم بن عيينة أي الناس أطول ندمًا قال أما في عاجل الدنيا فصانع المعروف إلى من لا يشكره وأما عند الموت فعالم مفوط
وقال الخليل بن أحمد الرجال أربعة رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك نائم فأيقظوه ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه
وقال سفيان الثوري ﵀ يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل
وقال ابن المبارك لا يزال المرء عالمًا ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل
وقال الفضيل ابن عياض ﵀ إني لأرحم ثلاثة عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر وعالمًا تلعب به الدنيا
وقال الحسن عقوبة العلماء موت القلب وموت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة وأنشدوا
عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى ... ومن يشتري دنياه بالدين أعجب
واعجب من هذين من باع دينه ... بدنيا سواه فهو من ذين أعجب
_________
(١) حديث لا يكون المرء عالمًا حتى يكون بعلمه عاملًا أخرجه ابن حبان في كتاب روضة العقلاء والبيهقي في المدخل موقوفًا على أبي الدرداء ولم أجده مرفوعا
(٢) حديث العلم علمان علم على اللسان الحديث أخرجه الترمذي الحكيم في النوادر وابن عبد البر من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح وأسنده الخطيب في التاريخ من رواية الحسن عن جابر بإسناد جيد وأعله ابن الجوزي
(٣) حديث يكون في آخر الزمان عباد جهال وعلماء فسقة أخرجه الحاكم من حديث أنس وهو ضعيف
(٤) حديث لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء أخرجه ابن ماجه من حديث جابر بإسناد صحيح
(٥) حديث لأنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال الحديث أخرجه أحمد من حديث أبي ذر بإسناد جيد
(٦) حديث من ازداد علمًا ولم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدًا أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس وحديث علي بإسناد ضعيف إلا أنه قال زهدا وروى ابن حبان في روضة العقلاء موقوفا على الحسن من ازداد علما ثم ازداد على الدنيا حرصا لم يزدد من الله إلا بعدا وروى أبو الفتح الأزدي في الضعفاء من حديث علي من ازداد بالله علما ثم ازداد للدنيا حبا ازداد الله عليه غضبا
1 / 59