قلنا: أما الأول المشار إليه بأنها واقعة في ملكه تعالى بناء على أنه لا يقع في ملكه عزوجل إلا ما يريد فمؤسس على ما مر إبطاله، وهو دعواهم أنه لو وقع[13] وعلى أنها مؤثرة في التراجيح والتخصيصات، وأن قدرهم تؤثر على وفق إرادتهم لا على وفق إرادته تعالى؛ لأنه قد مكنهم ووكلهم إلى اختيارهم وعرفهم ما هو الذي يريده ويحبه ويرضاه منهم، فهو تعالى قد أراد أن يوقعوا في أفعالهم بإرادتهم، فمن طابق ما يريده تعالى هو الموافق، ومن خالفه فهو المخالف، ولو كان المؤثر في ترجيح أفعالهم وتخصيصها بأن الإرادة القديمة المتعلقة لذاتها كما مر جوابه، وسيأتي ذكره، ولا يمتنع أن يكون البعض موافقا والبعض مخالفا لا لأجل ما ذكرناه أولا بل لأن الإرادة القديمة المتعلقة لذاتها نسبتها ونسبة تعلقها القديم إلى الكل على السوية فلا ترجيح ولا تخصيص للبعض بالموافقة والبعض بالمخالفة وإلا لزم أن وراء الإرادة مرجحا ومخصصا آخر غير حادث التعلق، لكنهم لا يثبتون مرجحا وراء الإرادة القديمة ولا يقولون بأنها تتعلق ببعض الأفعال دون بعض لمرجح ينشأ من جهة الأفعال نفيا منهم للحسن والقبح عقلا، وبهذا وما قبله ظهر أن المعترض يتكلم بما هو هدم لمذهبه ونقض لمطلبه.
صفحة ٣٧