وأما ما يقال من أنه لا يقبح ذلك منه تعالى فباطل بما سيأتي من استلزامه لبطلان الشرائع برمتها، وأيضا فانتفاء القبح بالنظر إليه تعالى مع أنه مجرد دعوى وعدول إلى التخصيص الذي هو خلاف الأصل اتفاقا لا يستلزم الكمال لا سيما على ما غالطوا به في الكلام عن الحسن والقبح من التفريق بين الحسن والقبح عقلا، وصفة الكمال والنتقص، وهي مغالطة باطلة كما سيأتي باعترافهم إن شاء الله.
الخامس: أنه ما إن يريد بأعمال العباد التي يزعم أن الله خالق لها أعمالهم التي اسندها وأضافها تعالى إليه، وأخبرنا بأنهم لها عاملون مع خروج أكثرها عن محل الكسب بالأعمال التي أخبر تعالى بأنها مما يتعلق به الرؤية في مثل قوله تعالى: {فسيرى الله عملكم ورسوله} وقوله تعالى: {ليروا أعمالهم...} الآية وأخبر تعالى خبرا ضمنيا بأنها خارجة عن محل الكسب الذي يدعونه تمثل قوله تعالى: {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل...} الآية، {والله خلقكم وما تعملون} على ما قرره المعترض في أن ما يعملون متناول لأشكال الأصنام الخارجة عن محل الكسب والاكتساب بدون أنواع على ما قرره بعض العدلية في أن معنى الآية: {والله خلقكم} وخلق أجسام الأصنام التي يعملون فيها الأشكال والصور، ويوجدونها فيها، وإما أن يريد بأعمالهم خصوص أعمال الكسب لا ما يعمها وغيرها كما هو التقدير الأول، فإن أراد الأول.
صفحة ٢٦