قالوا: ولا يعد في هذا على رأي بعضكم أيها المتكلمون فإن الأشاعرة قالوا: أن الأعراض لا تبقى وإنما تتعاقب .... لها شيئا فشيئا كما صرح به الأشعري، معلوم أن الحسن يراها متعاقبة، بل إنما يرى السواد في المحل مثلا شيئا واحدا كما كان ذلك في الماء المصبوب من الأنبوب، ولو أن الحسن سلم من الغلط لرأى أنها أمثال متعددة متعاقبة في محل ومجرا واحد توجد هنا بعد هذا في المخرج، والأشعري يقول: أن الغرض الأول كالسواد مثلا يعدم في نافي أوقاته قم لوجد غرض آخر أي سواد كما مثلناه وهلم جرا، والبصر لا يراها إلا شيئا واحدا مستمر الوجود.
قالوا: وهكذا إذا شاهدنا زيدا غمضنا عنه لحظة وقتحنا ..... بعد مضي هذهه اللحظة ورجعنا إلى مشاهدته من آخر ونجد عقولنا جازمة بانه هو زيد الذي شاهدناه المرة الأولى بعينه مع أنا نعلم أن الله قادر على أن يعدمه [69] ويوجد مثله سواء سواء في تلك اللحظة اليسيرة الني أغمضنا عنه، وليس احتمال أن يكون الأمر كذلك أي أن الله تعالى أعدمه وأوجد مثله بعيدا، وعلى تقدير.... جائز ممكن عقلا، وكلما كان جائزا ممكنا عند العقل امتنع أن يجامعه الجزم والقطع بأنه هو زيد الذي شاهدناه أولا بعينه، وهذا تجويز عدم الاستبعاد ليس مما اختصوا به المسلمون القائلون بالقادر المختار وصلاحية قادريته تعالى لذلك، وأعظم منه، بل هو جاز على مذهب الفلاسفة أيضا فإنه لا يمنعون جواز أن يحدث شكل غريب فلكي، فيقتضي هذا النوع من هذا التصرف في عالم الكون والفساد، ثم قالوا: فإذا شاهدنا شابا أو شيخا أعلم بالضرورة أنه ما خلق الآن دفعة واحدة من غير أب وأم،بل كان قبل ذلك طفلا ومترعرعا وشابا حتى صار الآن شيخا، وهذا العلم والجزم غير جائز بالعقل.
صفحة ١٥٢