الإحكام لابن حزم - دار الحديث
محقق
الشيخ أحمد محمد شاكر
الناشر
دار الآفاق الجديدة
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
بلا دليل وبالله تعالى التوفيق وروي أن رسول الله ﷺ ودى عبد الله بن سهل وهو حضري مدني مائة من الإبل فقالوا ليس عليه العمل ولا يودي بالإبل إلا أهل البادية وأما أهل الحاضرة
فلا يودون إلا بالدنانير والدراهم وتعلقوا في ذلك بعمر وهم قد خالفوا عمر في هذا المكان نفسه لأن عمر كما جعل على أهل الذهب الذهب وعلى أهل الفضة الفضة وكذلك جعل على أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الغنم ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة فقالوا ليس على فعل عمر العمل في البقر والغنم والحلل وإنما نفعل فعله في الذهب والورق والإبل خاصة ورووا أن رسول الله ﷺ جعل القسامة في قتيل وجد بخيبر فقالوا ليس عليه العمل ولا يعجز أحد عن أن يلقي قتيلا قتله في دور قوم آخرين فخالفوا رسول الله ﷺ وخالفوا عمل عمر في القسامة أيضا واحتج إسماعيل في ذلك ببقرة بني إسرائيل فأتى بحديث لم يأت به قرآن ولا خبر عن النبي وإنما هي خرافة في خرافات أهل الكتاب ولو صح قولهم لكانت آية معجزة عظيمة لا يقدرون على مثلها أبدا وتلك الآية لم يكن فيها قسامة فقد خالفوا عمل بني إسرائيل أيضا وقالوا إنما القسامة في دعوى المريض أن فلانا قتله وقد أبطل النبي ﷺ أن يقبل قول أحد في ادعائه دم أحد أو ماله فقبلوا دعواه في الدم ولم يتهموه وأبطلوا دعاواه في المال واتهموه وكفى بذكر هذا عن تكلف رد عليه ورووا أنه ﵇ رجم يهوديين زنيا فقالوا ليس عليه العمل ولا يجوز رجمهم وأتى بعضهم في ذلك بعظيمة تخرج عن الإسلام وذلك أن قال إنما رجمهما رسول الله ﷺ تنفيذا لما في التوراة فجعلوه ﵇ منفذا لأحكام اليهود وصانوا أنفسهم الدنية الساقطة عن ذلك
2 / 104