ومثله قوله جل ثناؤه: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بما أو عاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصر و لكن تعمى القلوب التى فى الصدور.24 ولو كان المراد من هذا الأرض الجسمانية، كيف يسمع الآذان بها، أم كيف تعقل القلوب بها? لكن لما كان المراد منه العلم أمكن للقلوب الفكرة فيه وللآذان السمع منه ووعيه.
وهكذا قوله جل ثناؤه: والأرض مددنها وألقينا فيها روسى وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب. 25 فإذا تفكر المرو26 في [190) مد الأرض المتراكمة أجزاؤها بعضها على بعض، لم يكد يصيب مخرجه إذ المد بعد القبض، ولا يمكن توهم قبض فى الأرض حتى يتأخر مدها. وإلقاء الرواسي فيها غير واجب لأن إلقاء الشيء في الشيء من غير ذلك الشيء، والجبال كالشيء27 النابت من الأرض، المستحيل من اللين إلى الصلابة ومن الرخاوة إلى الاشتداد. وأي تبصرة للعبد، أم أي ذكرى له فيها إن أناب؟ فإذا صرف هذا الاسم إلى العلم، أو إلى من هو أصل العلم، حققه تأويله، إذ إقامة الأساس وإذاعة العلم شبية بالمد، وإلقاء الرواسي إقامة الرؤساء فيه لنشره(29 بين المستحقين، وإنبات الأزواج البهيجة إنبات العلوم المزدوجة بالظواهر. فإنها
صفحة ٢١٩