إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل

بدر الدين بن جماعة ت. 733 هجري
52

إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل

محقق

وهبي سليمان غاوجي الألباني

الناشر

دار السلام للطباعة والنشر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠هـ - ١٩٩٠م

مكان النشر

مصر

(قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق ... من غير سيف وَلَا دم مهراق) وَقَوله (فَلَمَّا علونا واستوينا عَلَيْهِم ... جعلناهم مرعى لنسر وطائر) وجار على نَحْو مَا ذكرنَا من الاسْتوَاء على الْعَرْش كل مَا ورد مِمَّا ظَاهره الجسمية فِي الشَّاهِد كالأصبع والقدم وَالْيَد فَإِن الْيَد وَكَذَا الْأصْبع وَغَيره كالنزول صفة لَهُ تَعَالَى لَا بِمَعْنى الْجَارِحَة بل على وَجه يَلِيق بِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أعلم بِهِ وَقد يؤول الْيَد والأصبع عِنْد الْحَاجة بِالْقُدْرَةِ والقهر وَالْيَمِين فِي قَوْله ﷺ الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض على التشريف وَالْإِكْرَام لما ذكرنَا من صرف فهم الْعَامَّة عَن الجسمية وَهُوَ مُمكن أَن يُرَاد وَلَا يجْزم بإرادته خُصُوصا على قَول أَصْحَابنَا إِنَّهَا الْأَلْفَاظ من المتشابهات وَحكم الْمُتَشَابه انْقِطَاع رَجَاء معرفَة المُرَاد مِنْهُ فِي هَذِه الدَّار دَار التَّكْلِيف وَإِلَّا لَكَانَ قد علم وَأعلم أَن كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْإِرْشَاد يمِيل إِلَى التَّأْوِيل وَلكنه فِي الرسَالَة النظامية اخْتَار طَرِيق التَّفْوِيض حَيْثُ قَالَ وَالَّذِي نرتضيه رَأيا وندين الله تَعَالَى بِهِ عقدا اتِّبَاع سلف الْأمة فَإِنَّهُم درجوا على ترك التَّعَرُّض لمعانيها وَكَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى اخْتِيَار التَّفْوِيض لتأخر الرسَالَة وَقَالَ الإِمَام النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي مُقَدّمَة الْمَجْمُوع شرح الْمُهَذّب بعد أَن ذكر السّلف وَالْخلف وَهَذِه طَريقَة السّلف أَو جماهيرهم وَهِي أسلم إِذْ لَا يُطَالب الْإِنْسَان بالخوض فِي ذَلِك فَإِذا اعْتقد التَّنْزِيه فَلَا حَاجَة إِلَى الْخَوْض فِي ذَلِك والمخاطرة فِيمَا لَا ضَرُورَة بل لَا حَاجَة لَهُ إِلَيْهِ فَإِذا دعت الْحَاجة إِلَى التَّأْوِيل لرد مُبْتَدع وَنَحْوه تأولوا حِينَئِذٍ وعَلى هَذَا يحمل مَا جَاءَ عَن الْعلمَاء فِي هَذَا وَقلت فِي اركان الْإِيمَان لَيْسَ جَمِيع من جَاءَ بعد الْقرن الرَّابِع يرى تَأْوِيل

1 / 58