إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل

بدر الدين بن جماعة ت. 733 هجري
114

إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل

محقق

وهبي سليمان غاوجي الألباني

الناشر

دار السلام للطباعة والنشر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠هـ - ١٩٩٠م

مكان النشر

مصر

وبدليل مَا ورد فِي الدُّعَاء يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام فَدلَّ فِي تِلْكَ الْآيَة على أَنه وصف للذات لَا للْوَجْه خَاصَّة لِأَن الْقُرْآن يُفَسر بعضه بَعْضًا وَقَوله تَعَالَى ﴿يُرِيدُونَ وَجهه﴾ و﴿إِنَّمَا نطعمكم لوجه الله﴾ فَالْمُرَاد بذلك وَالله أعلم تَحْصِيل رِضَاهُ تَعَالَى كَمَا تقدم لِأَن الْإِرَادَة فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يُرِيدُونَ وَجهه﴾ لَا تتَعَلَّق بِحُصُول نفس الذَّات بمجردها وَلَا نفس ظَاهر الْوَجْه بِمُجَرَّدِهِ وَإِنَّمَا تتَعَلَّق بِحُصُول مُرَاد يحصل لَهُم دُخُوله فِي الْوُجُود وَذَلِكَ فِي الذَّات أَو الْوَجْه الْقَدِيم الأزلي محَال فَدلَّ على أَن المُرَاد حُصُول شَيْء مِنْهُ وَهُوَ رِضَاهُ عَنْهُم وَعبر فِيهِ بِالْوَجْهِ كَمَا تقدم أَن الراضي يقبل بِوَجْه على من رضيه وَقيل المُرَاد بِالْوَجْهِ الْقَصْد وَمِنْه قَول الشَّاعِر رب الْعباد إِلَيْهِ الْوَجْه وَالْعَمَل وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّمَا نطعمكم لوجه الله﴾ أَي لرضاه كَمَا تقدم أَن المُرَاد حُصُول رِضَاهُ فَإِن قيل إِضَافَة الْوَجْه إِلَى الرب يشْعر بِأَن الْمُضَاف غير الْمُضَاف إِلَيْهِ قُلْنَا الْجَواب لما تقدم من امْتنَاع ذَلِك للإلزامات الْمَذْكُورَة وَقَول من قَالَ المُرَاد صفة لَا يعقل مَعْنَاهَا مَرْدُود بِمَا قدمْنَاهُ أَن الْقُرْآن كتاب مُبين وَبَيَان للنَّاس وَهدى وَأَنه بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين وَالْوَجْه فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة إِمَّا الْعُضْو وَقدمنَا أَنه محَال أَو الذَّات أَو الرِّضَا كَمَا ذكرنَا فَمن ادّعى مرَادا لَا يعقل لُغَة وَلَا عرفا فَلَا دَلِيل عَلَيْهِ لَا عقلا وَلَا نقلا فَلَا يعرج على قَوْله لَا تنظر إِلَى من قَالَ وَانْظُر إِلَى مَا قَالَ الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى ﴿لما خلقت بيَدي﴾ يَد الله فَوق

1 / 122