الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
مناطق
•إسبانيا
الامبراطوريات
بنو الأحمر
وَلَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِهِمْ: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: ١٠٤] ; وَصَفَهُمْ بِالضَّلَالِ مَعَ ظَنِّ الِاهْتِدَاءِ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُمُ الْمُبْتَدِعُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ عُمُومًا، كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوَّلًا، مِنْ حَيْثُ قَالَ النَّبِيُّ: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» وَسَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ بِعَوْنِ اللَّهِ.
فَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّفْسِيرَانِ فِي الْآيَةِ، تَفْسِيرُ سَعْدٍ بِأَنَّهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَتَفْسِيرُ عَلِيٍّ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ; لِأَنَّهُمْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى الِابْتِدَاعِ، وَلِذَلِكَ فَسَّرَ كُفْرَ النَّصَارَى بِأَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا فِي الْجَنَّةِ غَيْرَ مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَهُوَ التَّأْوِيلُ بِالرَّأْيِ.
فَاجْتَمَعَتِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ عَلَى ذَمِّ الْبِدْعَةِ وَأَهْلِهَا، وَأَشْعَرَ كَلَامُ سَعِدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِأَنَّ كُلَّ آيَةٍ اقْتَضَتْ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ الْمُبْتَدِعَةِ، فَهُمْ مَقْصُدُونَ بِمَا فِيهَا مِنَ الذَّمِّ وَالْخِزْيِ وَسُوءِ الْجَزَاءِ، إِمَّا بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَإِمَّا بِمَعْنَى الْوَصْفِ.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَى بِكِتَابٍ فِي كَتِفٍ فَقَالَ: " كَفَى بِقَوْمٍ حُمْقًا أَوْ قَالَ: ضَلًالًا أَنْ يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ إِلَى غَيْرِ نَبِيِّهِمْ، أَوْ كِتَابٍ إِلَى غَيْرِ كِتَابِهِمْ " فَنَزَلَتْ: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [العنكبوت: ٥١]».
وَخَرَّجَ عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ
1 / 89