الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
الْفُرُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التَّعَمُّقِ فِي الْجِدَالِ وَالْخَوْضِ فِي الْكَلَامِ، هَذِهِ كُلُّهُا عُرْضَةٌ لِلزَّلَلِ وَمَظِنَّةٌ لِسُوءِ الْمُعْتَقَدِ.
وَيُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ التَّعَمُّقِ فِي الْفُرُوعِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي فَصْلِ ذَمِّ الرَّأْيِ مِنْ " كِتَابِ الْعِلْمِ " لَهُ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بِحَوْلِ اللَّهِ.
وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَقِيتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ بِمَكَّةَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ أَنْتَ؟، قُلْتُ: مِمَّنْ لَا يَسُبُّ السَّلَفَ، وَيُؤْمِنُ بِالْقَدْرِ وَلَا يُكَفِّرُ أَحَدًا بِذَنْبٍ، فَقَالَ عَطَاءٌ: عَرَفْتَ فَالْزَمْ.
وَعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ﵁ يَوْمًا يَخْطُبُنَا، فَقَطَعُوا عَلَيْهِ كَلَامَهُ، فَتَرَامَوْا بِالْبَطْحَاءِ، حَتَّى جَعَلْتُ مَا أُبْصِرُ أَدِيمَ السَّمَاءِ.
قَالَ: وَسَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ بَعْضِ حُجَرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقِيلَ: هَذَا صَوْتُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ!
قَالَ: فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: أَلَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ قَدْ بَرِئَ مِمَّنْ فَرَّقَ دِينَهُ وَاحْتَزَبَ، وَتَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩]».
قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ: " أَحْسَبُهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ: أُمَّ سَلَمَةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ
1 / 80