402

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

وَهَذَا كُلُّهُ وَاضِحٌ فِي أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَحْرِيمٌ لِمَا هُوَ حَلَالٌ فِي الشَّرْعِ، وَإِهْمَالٌ لِمَا قَصَدَ الشَّارِعُ إِعْمَالَهُ - وَإِنْ كَانَ يَقْصِدُ سُلُوكَ طَرِيقِ الْآخِرَةِ ـ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الرَّهْبَانِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ.
وَإِلَى مَنْعِ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ ذَهَبَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ؛ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ غَيْرَ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ؛ فَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنْ كَانَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ؛ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَيَعْمَلُ الْحَالِفُ بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ: " أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنَامَ عَلَى فِرَاشِي سَنَةً، فَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا﴾ [المائدة: ٨٧] الْآيَةَ، (ادْنُ فَكُلْ) وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَنَمْ عَلَى فِرَاشِكَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: " كَانَ مَعْقِلٌ يُكْثِرُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَأَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ ﵁، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ.
وَعَنِ الْمُغِيرَةِ؛ قَالَ: " قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، أَهُوَ الرَّجُلُ يُحَرِّمُ الشَّيْءَ مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَعَنْ مَسْرُوقٍ؛ قَالَ: " أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِضَرْعٍ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوَا، فَأَخَذُوا يَطْعَمُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي حَرَّمْتُ الضَّرْعَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَذَا

1 / 422