395

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

فَإِذَا دَخَلَ فِيهِ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ عَلَى قَصْدِ انْخِرَامِ الشَّرْطِ أَوْ لَا:
فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ؛ فَهُوَ الْقِسْمُ الَّذِي يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّارِعَ طَالَبَهُ بِرَفْعِ الْحَرَجِ، وَهُوَ يُطَالِبُ نَفْسَهُ بِوَضْعِهِ وَإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَتَكْلِيفِهَا مَا لَا يُسْتَطَاعُ، مَعَ زِيَادَةِ الْإِخْلَالِ بِكَثِيرٍ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ الَّتِي هِيَ أَوْلَى مِمَّا دَخَلَ فِيهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ.
وَإِنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْقَصْدِ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَجْرِيَ الْمَنْدُوبُ عَلَى مَجْرَاهُ أَوْ لَا:
فَإِنْ أَجْرَاهُ كَذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلَ مِنْهُ مَا اسْتَطَاعَ إِذَا وَجَدَ نَشَاطًا وَلَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَوْلَى (مِمَّا دَخَلَ فِيهِ)؛ فَهُوَ مَحْضُ السُّنَّةِ الَّتِي لَا مَقَالَ فِيهَا؛ لِاجْتِمَاعِ الْأَدِلَّةِ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، إِذْ قَدْ أُمِرَ فَهُوَ غَيْرُ تَارِكٍ، وَنُهِيَ عَنِ الْإِيغَالِ وَإِدْخَالِ الْحَرَجِ فَهُوَ مُتَحَرِّزٌ، فَلَا إِشْكَالَ فِي صِحَّتِهِ، وَهُوَ كَانَ شَأْنَ (السَّلَفِ) الْأُوَلِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَإِنْ لَمْ يُجْرِهِ عَلَى مَجْرَاهُ، وَلَكِنَّهُ أَدْخَلَ فِيهِ رَأْيَ الِالْتِزَامِ وَالدَّوَامِ؛ فَذَلِكَ الرَّأْيُ مَكْرُوهٌ ابْتِدَاءً، لَكِنْ فُهِمَ مِنَ الشَّرْعِ أَنَّ الْوَفَاءَ - إِنْ حَصَلَ - فَهُوَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - كَفَّارَةُ النَّهْيِ، فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْقِسْمِ مَعْنَى الْبِدْعَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ مَدَحَ الْمُوفِينَ بِالنَّذْرِ وَالْمُوفِينَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ الْوَفَاءُ؛ تَمَحَّضَ وَجْهُ النَّهْيِ، وَرُبَّمَا أَثِمَ فِي الِالْتِزَامِ غَيْرِ النَّذْرِيِّ.
وَلِأَجْلِ احْتِمَالِ عَدَمِ الْوَفَاءِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْبِدْعَةِ، لَا لِأَجْلِ أَنَّهُ عَمَلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلِ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَائِمٌ.

1 / 415