الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
الْمَقْصُودَ هَذَا الْمَعْنَى، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّ مَا وَضَعَهُ الشَّارِعُ فِيهِ مِنَ الْقَوَانِينِ وَالْحُدُودِ كَافٍ، فَرَأَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِمَا أُطْلِقَ الْأَمْرُ فِيهِ مِنْ قَوَانِينَ مُنْضَبِطَةٍ، وَأَحْوَالٍ مُرْتَبِطَةٍ، مَعَ مَا يُدَاخِلُ النُّفُوسَ مِنْ حُبِّ الظُّهُورِ أَوْ عَدَمِ مَظِنَّتِهِ، فَدَخَلَتْ فِي هَذَا الضَّبْطِ شَائِبَةُ الْبِدْعَةِ.
وَأَيْضًا; فَإِنَّ النُّفُوسَ قَدْ تَمَلُّ وَتَسْأَمُ مِنَ الدَّوَامِ عَلَى الْعِبَادَاتِ الْمُرَتَّبَةِ، فَإِذَا جُدِّدَ لَهَا أَمْرٌ لَا تَعْهَدُهُ، حَصَلَ بِهَا نَشَاطٌ آخَرُ لَا يَكُونُ لَهَا مَعَ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: لِكُلِّ جَدِيدٍ لَذَّةٌ; بِحُكْمِ هَذَا الْمَعْنَى، كَمَنْ قَالَ: كَمَا تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنَ الْفُجُورِ، فَكَذَلِكَ تَحْدُثُ لَهُمْ مُرَغِّبَاتٌ فِي الْخَيْرِ بِقَدْرِ مَا حَدَثَ لَهُمْ مِنَ الْفُتُورِ.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁: فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ فَيَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَّأْتُ الْقُرْآنَ، فَلَا يَتَّبِعُنِّي حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ، فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ.
1 / 55