الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ.
وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ (رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ)؛ قَالَ: «آخَرُ مَا آخَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ مُتَبَذِّلَةً؟ قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؛ قَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ؛ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ؛ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيَقُومَ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ لَهُ: نَمْ، فَنَامَ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ؛ قَالَ لَهُ سَلْمَانُ: قُمِ الْآنَ، فَقَامَا فَصَلَّيَا، فَقَالَ (سَلْمَانُ): إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَيَا النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: صَدَقَ سَلْمَانُ».
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: صَحِيحٌ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ جَمَعَ التَّنْبِيهَ عَلَى حَقِّ الْأَهْلِ بِالْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ وَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَالضَّيْفِ بِالْخِدْمَةِ وَالتَّأْنِيسِ وَالْمُؤَاكَلَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْوَلَدِ بِالْقِيَامِ عَلَيْهِمْ بِالِاكْتِسَابِ وَالْخِدْمَةِ، وَالنَّفْسِ بِتَرْكِ إِدْخَالِ الْمَشَقَّاتِ عَلَيْهَا، وَحَقِّ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَبِوَظَائِفَ أُخَرَ فَرَائِضَ وَنَوَافِلَ آكَدَ مِمَّا هُوَ فِيهِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُعْطِي لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.
وَإِذَا الْتَزَمَ الْإِنْسَانُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ الْمَنْدُوبَةِ أَوْ أَمْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً؛ فَقَدْ يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنِ الْقِيَامِ بِغَيْرِهَا، أَوْ عَنْ كَمَالِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَيَكُونُ مَلُومًا.
1 / 388