الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
مَنْصُوصًا عَلَيْهِ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا، أَوْ يَكُونُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ جُمْلَةً لَا تَفْصِيلًا.
فَالْأَوَّلُ: لَا إِشْكَالَ فِي صِحَّتِهِ؛ كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ، وَالنَّوَافِلِ الْمُرَتِّبَةِ لِأَسْبَابٍ وَغَيْرِ أَسْبَابٍ، وَكَالصِّيَامِ الْمَفْرُوضِ أَوِ الْمَنْدُوبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ؛ إِذَا فُعِلَتْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ؛ كَصِيَامِ عَاشُورَاءَ، أَوْ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالْوَتَرِ بَعْدَ نَوَافِلَ اللَّيْلِ، وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ.
فَالنَّصُّ جَاءَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ صَحِيحًا عَلَى مَا شَرَطُوا، فَثَبَتَتْ أَحْكَامُهَا مِنَ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَالِاسْتِحْبَابِ، فَإِذَا وَرَدَ فِي مَثَلِهَا أَحَادِيثُ تَرْغِيبٍ فِيهَا أَوْ تَحْذِيرٍ مِنْ تَرْكِ الْفَرْضِ مِنْهَا، وَلَيْسَتْ بَالِغَةً مَبْلَغَ الصِّحَّةِ، وَلَا هِيَ أَيْضًا مِنَ الضَّعْفِ بِحَيْثُ لَا يَقْبَلُهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً لَا يَصِحُّ الِاسْتِشْهَادُ بِهَا؛ فَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهَا، وَالتَّحْذِيرِ بِهَا وَالتَّرْغِيبِ؛ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِهَا مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ.
وَالثَّانِي: ظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَهُوَ عَيْنُ الْبِدْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَّا لِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْهَوَى، وَهُوَ أَبْدَعُ الْبِدَعِ وَأَفْحَشُهَا؛ كَالرَّهْبَانِيَّةِ الْمَنْفِيَّةِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَالْخِصَاءِ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ، وَالتَّعَبُّدِ بِالْقِيَامِ فِي الشَّمْسِ، أَوْ بِالصَّمْتِ مِنْ غَيْرِ كَلَامِ أَحَدٍ، فَالتَّرْغِيبُ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يَصِحُّ، إِذْ لَا يُوجَدُ فِي الشَّرْعِ، وَلَا أَصْلَ لَهُ يُرَغِّبُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ يُحَذِّرُ مِنْ مُخَالَفَتِهِ.
وَالثَّالِثُ: رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَصْلُ عِبَادَةٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ فَيَسْهُلُ فِي التَّفْصِيلِ نَقْلُهُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مُشْتَرِطِ الصِّحَّةِ، فَمُطْلَقُ التَّنَفُّلِ بِالصَّلَاةِ مَشْرُوعٌ، فَإِذَا جَاءَ تَرْغِيبٌ فِي صَلَاةِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ
1 / 291