268

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

لَا تَنْحَصِرُ أَيْضًا، فَثَبَتَ أَنَّ تَتَبُّعَ هَذَا الْوَجْهِ عَنَاءٌ، لَكِنَّا نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْجُهًا كُلِّيَّةً يُقَاسُ عَلَيْهَا مَا سِوَاهَا.
فَمِنْهَا: اعْتِمَادُهُمْ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْوَاهِيَةِ الضَّعِيفَةِ وَالْمَكْذُوبِ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالَّتِي لَا يَقْبَلُهَا أَهْلُ صِنَاعَةِ الْحَدِيثِ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهَا:
كَحَدِيثِ الِاكْتِحَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَإِكْرَامِ الدِّيكِ الْأَبْيَضِ، وَأَكْلِ الْبَاذِنْجَانِ بِنْيَةٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَوَاجَدَ وَاهْتَزَّ عِنْدَ السَّمَاعِ حَتَّى سَقَطَ الرِّدَاءُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ. . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَإِنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ - عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ - لَا يُبْنَى عَلَيْهَا حُكْمٌ، وَلَا تُجْعَلُ أَصْلًا فِي التَّشْرِيعِ أَبَدًا، وَمَنْ جَعَلَهَا كَذَلِكَ؛ فَهُوَ جَاهِلٌ أَوْ مُخْطِئٌ فِي نَقْلِ الْعِلْمِ، فَلَمْ يُنْقُلِ الْأَخْذُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَمَّنْ يُعْتَمَدُ بِهِ (فِي) طَرِيقَةِ الْعِلْمِ وَلَا طَرِيقَةِ السُّلُوكِ.
وَإِنَّمَا أَخَذَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ الْحَسَنِ؛ لِإِلْحَاقِهِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ بِالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ سَنَدَهُ لَيْسَ فِيهِ مَنْ يُعَابُ بِجُرْحِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ أَخَذَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ بِالْمُرْسَلِ لَيْسَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ أُلْحِقَ بِالصَّحِيحِ فِي أَنَّ الْمَتْرُوكَ ذِكْرُهُ كَالْمَذْكُورِ وَالْمُعَدَّلِ، فَأَمَّا مَا دُونُ ذَلِكَ؛ فَلَا يُؤْخَذُ بِهِ بِحَالٍ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ.
وَلَوْ كَانَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الذَّابِّينَ عَنْهُ الْأَخْذُ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِكُلِّ مَا جَاءَ عَنْ كُلِّ مَنْ جَاءَ؛ لَمْ يَكُنْ لِانْتِصَابِهِمْ لِلتَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ مَعْنًى،

1 / 287