الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
مناطق
•إسبانيا
الامبراطوريات
بنو الأحمر
قَالَ: " لَقَدْ قِيلَ لِلْجُنَيْدِ: الْعَارِفُ بِرَبِّهِ يَزْنِي؟ فَأَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا.
فَهَذَا كَلَامُ مُنْصِفٍ، فَكَمَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمُ الْمَعَاصِي بِالِابْتِدَاعِ وَغَيْرِهِ؛ كَذَلِكَ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ.
فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقِفَ مَعَ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ، وَنَقِفُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ إِذَا ظَهَرَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ إِشْكَالٌ، بَلْ نَعْرِضُ مَا جَاءَ عَنِ الْأَئِمَّةِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمَا قَبِلَاهُ؛ قَبِلْنَاهُ، وَمَا لَمْ يَقْبَلَاهُ؛ تَرَكْنَاهُ وَلَا عَلَيْنَا، إِذْ قَامَ لَنَا الدَّلِيلُ عَلَى اتِّبَاعِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَقُمْ لَنَا دَلِيلٌ عَلَى اتِّبَاعِ أَقْوَالِ الصُّوفِيَّةِ وَأَعْمَالِهِمْ إِلَّا بَعْدَ عَرْضِهَا، وَبِذَلِكَ وَصَّى شُيُوخُهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَا جَاءَ بِهِ صَاحِبُ الْوَجْدِ وَالذَّوْقِ مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْعُلُومِ وَالْفُهُومِ؛ فَلْيَعْرِضْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ قَبِلَاهُ؛ صَحَّ، وَإِلَّا؛ لَمْ يَصِحَّ، فَكَذَلِكَ مَا رَسَمُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَأَوْجُهِ الْمُجَاهِدَاتِ وَأَنْوَاعِ الِالْتِزَامَاتِ.
- ثُمَّ نَقُولُ ثَانِيًا: إِذَا نَظَرْنَا فِي رُسُومِهِمُ الَّتِي حَدُّوا، وَأَعْمَالِهِمُ الَّتِي امْتَازُوا بِهَا عَنْ غَيْرِهِمْ بِحَسَبِ تَحْسِينِ الظَّنِّ وَالتَّمَاسِّ أَحْسَنِ الْمَخَارِجَ وَلَمْ نَعْرِفْ لَهَا مَخْرَجًا؛ فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا التَّوَقُّفُ عَنْ الِاقْتِدَاءِ وَالْعَمَلِ [بِهَا]، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِنْسِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِمْ، لَا رَدًّا لَهُمْ وَاعْتِرَاضًا، بَلْ لِأَنَّا لَمْ نَفْهَمْ وَجْهَ رُجُوعِهِ إِلَى الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ؛ كَمَا فَهِمْنَا غَيْرَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَتَوَقَّفُ عَنِ الْعَمَلِ بِالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي يُشْكِلُ عَلَيْنَا وَجْهُ الْفِقْهِ فِيهَا؟ فَإِنْ سَنَحَ بَعْدَ ذَلِكَ
1 / 277