237

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مُلَيْكَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ أَمَرَ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إِلَّا عَالِمٌ بِاللُّغَةِ، وَأَمَرَ أَبَا الْأَسْوَدِ، فَوَضَعَ النَّحْوَ. وَالْعَرُوضُ مِنْ جِنْسِ النَّحْوِ. وَإِذَا كَانَتِ الْإِشَارَةُ مِنْ وَاحِدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ؛ صَارَ النَّحْوُ وَالنَّظَرُ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ مِنْ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَقَاعِدَةُ الْمَصَالِحِ تَعُمُّ عُلُومَ الْعَرَبِيَّةِ، (أَيْ: تَكُونُ مِنْ) قَبِيلِ الْمَشْرُوعِ، فَهِيَ مِنْ جِنْسِ كَتْبِ الْمُصْحَفِ وَتَدْوِينِ الشَّرَائِعِ. وَمَا ذُكِرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى ثَعْلَبًا، قَالَ: " كَانَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ فِي الدِّينِ يَعِيبُ النَّحْوَ، وَيَقُولُ: أَوَّلُ تَعَلُّمِهِ شُغْلٌ، وَآخِرُهُ بَغْيٌ، يُزْدَرَى بِهِ النَّاسُ، فَقَرَأَ يَوْمًا: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ؛ (بِرَفْعِ اللَّهِ وَنَصْبِ الْعُلَمَاءِ) فَقِيلَ لَهُ: كَفَرْتَ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ تَجْعَلُ اللَّهَ يَخْشَى الْعُلَمَاءَ؟ فَقَالَ: لَا طَعَنْتُ عَنْ عِلْمٍ يَؤُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا أَبَدًا. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ: " الْإِمَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ ". قَالَ: " وَقَدْ جَرَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَلَامٌ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَنْتَقِصُ النَّحْوِيِّينَ، فَاجْتَمَعَا فِي جِنَازَةٍ، فَقَرَأَ ابْنُ سِيرِينَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ؛ بِرَفْعِ اسْمِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ

1 / 255