الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ؛ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ، بَلْ هِيَ ضَلَالَةٌ، وَمَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَلَكِنَّا نَقُولُ بِذَلِكَ.
[فَصْلٌ الرَّدُّ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَقْسِيمِ الْبِدْعَةِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا مَا قَالَهُ عِزُّ الدِّينِ؛ فَالْكَلَامُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ:
فَأَمْثِلَةُ الْوَاجِبِ مِنْهَا مِنْ قِبَلِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ كَمَا قَالَ - فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا بِهِ فِي السَّلَفِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى الْخُصُوصِ.
وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ لَا مِنَ الْبِدَعِ.
أَمَّا هَذَا الثَّانِي فَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ؛ لَوْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَسِيرُ إِلَى فَرِيضَةِ الْحَجِّ طَيَرَانًا فِي الْهَوَاءِ، أَوْ مَشْيًا عَلَى الْمَاءِ؛ لَمْ يُعَدَّ مُبْتَدِعًا بِمَشْيِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا هُوَ التَّوَصُّلُ إِلَى مَكَّةَ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ، وَقَدْ حَصَلَ عَلَى الْكَمَالِ، فَكَذَلِكَ هَذَا.
عَلَى أَنَّ هَذِهِ أَشْيَاءُ قَدْ ذَمَّهَا بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي طَرِيقَةِ التَّصَوُّفِ، وَعَدَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا ابْتَدَعَ النَّاسُ، وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيَكْفِي فِي رَدِّهِ إِجْمَاعُ النَّاسِ قَبْلَهُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ.
عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ: أَنَّهُ ذُكِرَتِ الْعَرَبِيَّةُ، فَقَالَ: " أَوَّلُهَا كِبْرٌ، وَآخِرُهَا بَغْيٌ ".
وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ قَالَ: " النَّحْوُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ مِنَ الْقَلْبِ،
1 / 253