الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
ثُمَّ قَالَ: " وَلِلْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ أَمْثَالٌ: (مِنْهَا): مَذْهَبُ الْقَدَرِيَّةِ وَمَذْهَبُ الْجَبْرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْمُجَسِّمَةِ، وَالرَّدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنَ الْبِدَعِ الْوَاجِبَةِ.
قَالَ: وَلِلْمَنْدُوبِ أَمْثِلَةٌ: (مِنْهَا:) إِحْدَاثُ الرُّبَطِ وَالْمَدَارِسِ وَبِنَاءُ الْقَنَاطِرِ، (وَمِنْهَا:) كُلُّ إِحْسَانٍ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، (وَمِنْهَا) الْكَلَامُ فِي دَقَائِقِ التَّصَوُّفِ وَالْكَلَامُ فِي الْجَدَلِ. (وَمِنْهَا) جَمْعُ الْمَحَافِلِ، لِلِاسْتِدْلَالِ فِي الْمَسَائِلِ، إِنْ قُصِدَ بِذَلِكَ وَجْهُهُ تَعَالَى.
قَالَ: وَلِلْمَكْرُوهَةِ؛ أَمْثِلَةٌ: (وَمِنْهَا:) زَخْرَفَةُ الْمَسَاجِدِ، وَتَزْوِيقُ الْمَصَاحِفِ، وَأَمَّا تَلْحِينُ الْقُرْآنِ بِحَيْثُ تَتَغَيَّرُ أَلْفَاظُهُ عَنِ الْوَضْعِ الْعَرَبِيِّ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مِنَ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ.
قَالَ: " وَلِلْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ أَمْثِلَةٌ: (وَمِنْهَا:) الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، (وَمِنْهَا:) التَّوَسُّعُ فِي اللَّذِيذِ مِنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ وَلِبْسِ الطَّيَالِسَةِ وَتَوْسِيعِ الْأَكْمَامِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، فَجَعَلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنِ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ، وَجَعَلَهُ آخَرُونَ مِنَ السُّنَنِ الْمَفْعُولَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَمَا بَعْدَهُ; كَالِاسْتِعَاذَةِ وَالْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ "، انْتَهَى مَحْصُولُ مَا قَالَ.
وَهُوَ يُصَرِّحُ مَعَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْبِدَعَ تَنْقَسِمُ بِأَقْسَامِ الشَّرِيعَةِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُحْمَلَ أَدِلَّةُ ذَمِّ الْبِدَعِ عَلَى الْعُمُومِ، بَلْ لَهَا مُخَصَّصَاتٌ.
1 / 245