الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
وَأَمَّا مَا سِوَى الْمُصْحَفِ; فَالْأَمْرُ فِيهِ أَسْهَلُ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ كِتَابَةُ الْعِلْمِ:
فَفِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ ﷺ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ».
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنِّي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو; فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَكُنْتُ لَا أَكْتُبُ ".
وَذَكَرَ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ كُتَّابٌ يَكْتُبُونَ لَهُ الْوَحْيَ وَغَيْرَهُ; مِنْهُمْ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَمُعَاوِيَةُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَغَيْرُهُمْ.
وَأَيْضًا; فَإِنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ إِذَا تَعَيَّنَ لِضَعْفِ الْحِفْظِ وَخَوْفِ انْدِرَاسِ الْعِلْمِ، كَمَا خِيفَ دُرُوسُهُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فِيمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنَّمَا كَرِهَ الْمُتَقَدِّمُونَ كَتْبَ الْعِلْمِ لِأَمْرٍ آخَرَ لَا لِكَوْنِهِ بِدْعَةً، فَكُلُّ مِنْ سَمَّى كَتْبَ الْعِلْمِ بِدْعَةً; فَإِمَّا مُتَجَوِّزٌ، وَإِمَّا غَيْرُ عَارِفٍ بِمَوْضِعِ لَفْظِ الْبِدْعَةِ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْعَمَلِ بِالْبِدَعِ.
وَإِنْ تَعَلَّقُ [وا] بِمَا وَرَدَ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا (غَيْرُ) صَحِيحٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ; فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ اعْتِبَارُهَا فِي صُورَةٍ; ثَبَتَ
1 / 239