الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
مناطق
•إسبانيا
الامبراطوريات
بنو الأحمر
الْأَوَّلُ: الْإِخَافَةُ وَالْإِكْرَاهُ بِالْإِسْلَامِ وَالْقَتْلِ.
وَالْآخَرُ: كَثْرَةُ الدَّاخِلِينَ فِي الدَّعْوَةِ; لِأَنَّ الْإِعْذَارَ وَالْإِنْذَارَ الْأُخْرَوِيَّ قَدْ لَا يَقُومُ لَهُ كَثِيرٌ مِنَ النُّفُوسِ، بِخِلَافِ الدُّنْيَوِيِّ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ شُرِعَتِ الْحُدُودُ وَالزَّوَاجِرُ فِي الشَّرْعِ، وَ" إِنَّ (اللَّهَ) يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُهُ بِالْقُرْآنِ "، فَالْمُبْتَدِعُ إِذَا لَمْ يَنْتَصِرْ بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ الَّذِي يَعِظُ (بِهِ)، حَاوَلَ الِانْتِهَاضَ بِأُولِي الْأَمْرِ; لِيَكُونَ ذَلِكَ أَحْرَى بِالْإِجَابَةِ.
[الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْبِدْعَةِ حَقِيقِيَّةً أَوْ إِضَافِيَّةً]
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْبِدْعَةِ حَقِيقِيَّةً أَوْ إِضَافِيَّةً:
فَإِنَّ الْحَقِيقِيَّةَ أَعْظَمُ وِزْرًا، لِأَنَّهَا الَّتِي بَاشَرَهَا الْمُنْتَهِي بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَلِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ مَحْضَةٌ وَخُرُوجٌ عَنِ السُّنَّةِ ظَاهِرٌ، كَالْقَوْلِ بِالْقَدَرِ، وَالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ، وَالْقَوْلِ بِإِنْكَارِ خَبَرِ الِوَاحِدِ، وَإِنْكَارِ الْإِجْمَاعِ، وَإِنْكَارِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَالْقَوْلِ بِالْإِمَامِ الْمَعْصُومِ. . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَإِذَا فُرِضَتْ إِضَافِيَّةً; فَمَعْنَى الْإِضَافِيَّةِ أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَرَأْيٍ مُجَرَّدٍ مِنْ وَجْهٍ، إِذْ يَدْخُلُهَا مِنْ جِهَةِ الْمُخْتَرِعِ رَأْيٌ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا، فَلَمْ تُنَافِ الْأَدِلَّةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
هَذَا، وَإِنْ كَانَتْ تَجْرِي مَجْرَى الْحَقِيقَةِ، وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِحَسَبِ ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ يَخْتَلِفُ الْوِزْرُ.
وَمِثَالُهُ جَعْلُ الْمَصَاحِفِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْقِرَاءَةِ إِثْرَ الصَّلَاةِ فِيهَا.
قَالَ مَالِكٌ: " أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ مُصْحَفًا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ ".
1 / 221