191

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

بِالْقَضِيبِ؟ وَسُمِّرَتْ قَدَمَاهُ، وَنُخِزَ بِالْأَسِنَّةِ وَالْخَشَبِ جَنْبَاهُ؟ وَطَلَبَ (الْمَاءَ) فَسُقِيَ الْخَلَّ مِنْ بِطِّيخِ الْحَنْظَلِ؟ فَأَمْسَكُوا عَنْ مُنَاظَرَتِهِ، لِمَا قَدْ أَعْطَاهُمْ مِنْ تَنَاقُضِ مَذْهَبِهِ وَفَسَادِهِ. اهـ. وَالشَّاهِدُ مِنَ الْحِكَايَةِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الشُّيُوخِ وَالْآبَاءِ مِنْ غَيْرِ بُرْهَانٍ وَلَا دَلِيلٍ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: يَتَنَوَّعُ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي قَلَّدَ غَيْرَهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، فَلَا يَخْلُو: أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّقْلِيدِ مِنْهُ، بِنَاءً عَلَى التَّسَامُعِ الْجَارِي بَيْنَ الْخَلْقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَمِّ الْغَفِيرِ إِلَيْهِ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ مِنْ عَالِمٍ وَغَيْرِهِ، وَتَعْظِيمِهِمْ لَهُ بِخِلَافِ الْغَيْرِ. أَوْ لَا يَكُونُ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، لَكِنْ لَيْسَ فِي إِقْبَالِ الْخَلْقِ عَلَيْهِ وَتَعْظِيمِهِمْ لَهُ مَا يَبْلُغُ تِلْكَ الرُّتْبَةَ. فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُنْتَصِبُونَ، فَتَرَكَهُمْ هَذَا الْمُقَلِّدُ وَقَلَّدَ غَيْرَهُمْ; فَهُوَ آثِمٌ إِذْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى مَنْ أُمِرَ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، بَلْ تَرَكَهُ وَرَضِيَ لِنَفْسِهِ بِأَخْسَرِ الصَّفْقَتَيْنِ، فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ، إِذْ قَلَّدَ فِي دِينِهِ مَنْ لَيْسَ بِعَارِفٍ بِالدِّينِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، فَعَمِلَ بِالْبِدْعَةِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ. وَهَذَا حَالُ مَنْ بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا دِينَهُمُ الْحَقَّ وَرَجَعُوا إِلَى بَاطِلِ آبَائِهِمْ، وَلَمْ يَنْظُرُوا نَظَرَ الْمُسْتَبْصِرِ حَتَّى لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَغَطَّى الْهَوَى عَلَى عُقُولِهِمْ دُونَ أَنْ يُبْصِرُوا الطَّرِيقَ، فَكَذَلِكَ

1 / 209