الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

أبو إسحاق الشاطبي ت. 790 هجري
164

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

فَهُمْ شَرَّعُوا شِرْعَةً، وَابْتَدَعُوا فِي مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﵇ هَذِهِ الْبِدْعَةَ، تَوَهُّمًا أَنَّ ذَلِكَ يُقَرِّبُهُمْ مِنَ اللَّهِ كَمَا يُقَرِّبُ مِنَ اللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ ﵇ مِنَ الْحَقِّ، فَزَلُّوا، وَافْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، إِذْ زَعَمُوا أَنَّ هَذَا مِنْ ذَلِكَ، وَتَاهُوا فِي الْمَشْرُوعِ، فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى إِثْرِ الْآيَةِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥]. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١٤٠]. فَهَذِهِ فَذْلَكَةٌ لِجُمْلَةٍ بَعْدَ تَفْصِيلٍ تَقَدَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا﴾ [الأنعام: ١٣٦]. الْآيَةَ. فَهَذَا تَشْرِيعٌ كَالْمَذْكُورِ قَبْلَ هَذَا. ثُمَّ قَالَ: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٧]، وَهُوَ تَشْرِيعٌ أَيْضًا بِالرَّأْيِ مِثْلُ الْأَوَّلِ. ثُمَّ قَالَ: ﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٣٨] إِلَى آخِرِهَا. فَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَحَرَّمُوا مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ

1 / 181