الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
مناطق
•إسبانيا
الامبراطوريات
بنو الأحمر
عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ السُّنَّةِ، فَيُلْقِي لَهُ صَاحِبُ الْهَوَى فِيهِ هَوًى مِمَّا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا أَصْلَ لَهُ، أَوْ يَزِيدُ لَهُ فِيهِ قَيْدًا مِنْ رَأْيِهِ، فَيَقْبَلُهُ قَلْبُهُ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ يَعْرِفُهُ; وَجَدَهُ مُظْلِمًا; فَإِمَّا أَنْ يَشْعُرَ بِهِ; فَيَرُدَّهُ بِالْعِلْمِ، أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَشْعُرَ بِهِ; فَيَمْضِيَ مَعَ مَنْ هَلَكَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: " وَسَمِعْتُ مَالِكًا إِذْ جَاءَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ يَقُولُ: أَمَّا أَنَا; فَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي، وَأَمَّا أَنْتَ فَشَاكٌّ، فَاذْهَبْ إِلَى شَاكٍّ مِثْلِكَ فَخَاصِمْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف: ١٠٨]
. فَهَذَا شَأْنُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ تَمْكِينِ زَائِغِ الْقَلْبِ أَنْ يُسْمِعَ كَلَامَهُ.
وَمَثَلُ رَدِّهِ بِالْعِلْمِ: جَوَابُهُ لِمَنْ سَأَلَهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ لَهُ: " الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَأَرَاكَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ "، ثُمَّ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ السَّائِلِ.
وَمَثَلُ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى رَدِّهِ: مَا حَكَى الْبَاجِيُّ ; قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " كَانَ يُقَالُ: لَا تُمَكِّنْ زَائِغَ الْقَلْبِ مِنْ أُذُنِكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا يَعْلَقُكَ مِنْ ذَلِكَ ".
وَلَقَدْ سَمِعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ شَيْئًا مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْقَدَرِ، فَعَلِقَ قَلْبُهُ، فَكَانَ يَأْتِي إِخْوَانَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْصِحُهُمْ، فَإِذَا نَهَوْهُ; قَالَ: " فَكَيْفَ بِمَا عَلِقَ قَلْبِي لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يَرْضَى أَنْ أُلْقِيَ نَفْسِي مِنْ فَوْقِ هَذِهِ الْمَنَارَةِ; فَعَلْتُ ".
ثُمَّ حُكِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تُجَالِسِ الْقَدَرِيَّ وَلَا تُكَلِّمْهُ;
1 / 173