الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
الْإِسْلَامِ بِالْهَدْمِ:
إِحْدَاهُمَا: الْتِفَاتُ الْجُهَّالِ وَالْعَامَّةِ إِلَى ذَلِكَ التَّوْقِيرِ، فَيَعْتَقِدُونَ فِي الْمُبْتَدِعِ أَنَّهُ أَفْضَلُ النَّاسِ، وَأَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِمَّا عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى اتِّبَاعِهِ عَلَى بِدْعَتِهِ; دُونَ اتِّبَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى سُنَّتِهِمْ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إِذَا وُقِّرَ مِنْ أَجْلِ بِدْعَتِهِ; صَارَ ذَلِكَ كَالْحَادِي الْمُحَرِّضِ لَهُ عَلَى إِنْشَاءِ الِابْتِدَاعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَتَحْيَا الْبِدَعُ، وَتَمُوتُ السُّنَنُ، وَهُوَ هَدْمُ الْإِسْلَامِ بِعَيْنِهِ.
وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ حَدِيثُ مُعَاذٍ: " «فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا لَهُمْ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ؟ مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ، وَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ، فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ» ".
فَهُوَ يَقْتَضِي أَنّ السُّنَنَ تَمُوتُ إِذَا أُحْيِيَتِ الْبِدَعُ، وَإِذَا مَاتَتْ [السُّنَنُ] ; انْهَدَمَ الْإِسْلَامُ.
وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ النَّقْلُ عَنِ السَّلَفِ; زِيَادَةً إِلَى صِحَّةِ الِاعْتِبَارِ، لِأَنَّ الْبَاطِلَ إِذَا عُمِلَ بِهِ لَزِمَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْحَقِّ كَمَا فِي الْعَكْسِ، لِأَنَّ الْمَحَلَّ الْوَاحِدَ لَا يَشْتَغِلُ إِلَّا بِأَحَدِ الضِّدَّيْنِ.
وَأَيْضًا; فَمِنَ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ تَرْكُ الْبِدَعِ، فَمَنْ عَمِلَ بِبِدْعَةٍ وَاحِدَةٍ; فَقَدْ تَرَكَ تِلْكَ السُّنَّةَ.
فَمِمَّا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁: " أَنَّهُ أَخَذَ
1 / 152