الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
وَإِذَا ثَبَتَ فِي بَعْضِهِمْ هَذَا لِأَجْلِ بِدْعَةٍ; فَكُلُّ مُبْتَدِعٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِثْلُ مَنْ ذَكَرَهُ.
وَأَمَّا ثَانِيًا: فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَدِعُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَمَلٌ: إِمَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ لَهُ بِإِطْلَاقٍ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَقَعَ مِنْ وِفَاقِ سُّنَّةٍ أَوْ خِلَافِهَا، وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا ابْتَدَعَ فِيهِ خَاصَّةً دُونَ مَا لَمْ يَبْتَدِعْ فِيهِ.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَيُمْكِنُ عَلَى أَحَدِ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ; مِنْ أَنَّ كُلَّ مُبْتَدِعٍ أَيَّ بِدْعَةٍ كَانَتْ فَأَعْمَالُهُ لَا تُقْبَلُ مَعَهَا دَاخَلَتْهَا تِلْكَ الْبِدْعَةُ أَمْ لَا.
وَيُشِيرُ إِلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ آنِفًا.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁: أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَقَالَ: " وَاللَّهِ; مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ; إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ، وَإِذَا فِيهَا: الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ".
وَذَلِكَ عَلَى رَأْيِ مَنْ فَسَّرَ الصَّرْفَ وَالْعَدْلَ بِالْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ.
وَهَذَا شَدِيدٌ جِدًّا عَلَى أَهْلِ الْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ.
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ بِدْعَتُهُ أَصْلًا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ سَائِرُ الْأَعْمَالِ، كَمَا إِذَا ذَهَبَ إِلَى إِنْكَارِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِإِطْلَاقٍ، فَإِنَّ عَامَّةَ التَّكْلِيفِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ; لِأَنَّ الْأَمْرَ إِنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ. وَمَا تَفَرَّعَ
1 / 144