الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

أبو إسحاق الشاطبي ت. 790 هجري
100

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

وَهُوَ أَنْ قَالَ: " سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَوُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ سُنَنًا، الْأَخْذُ بِهَا تَصْدِيقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَاسْتِكْمَالٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ تَغْيِيرُهَا وَلَا تَبْدِيلُهَا وَلَا النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهُ، مَنْ عَمِلَ بِهَا مُهْتَدٍ، وَمَنِ انْتَصَرَ بِهَا مَنْصُورٌ، وَمَنْ خَالَفَهَا اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى، وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ". وَبِحَقٍّ مَا كَانَ يُعْجِبُهُمْ; فَإِنَّهُ كَلَامٌ مُخْتَصَرٌ، جَمَعَ أُصُولًا حَسَنَةً مِنَ السُّنَّةِ: مِنْهَا مَا نَحْنُ فِيهِ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: " لَيْسَ لِأَحَدٍ تَغْيِيرُهَا وَلَا تَبْدِيلُهَا وَلَا النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا "، قَطْعٌ لِمَادَّةِ الِابْتِدَاعِ جُمْلَةً. وَقَوْلُهُ: " مَنْ عَمِلَ بِهَا مُهْتَدٍ إِلَى آخِرِ الْكَلَامِ مَدْحٌ لِمُتَّبِعِ السُّنَّةِ، وَذَمٌّ لِمَنْ خَالَفَهَا بِالدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ ﷾: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]. وَمِنْهَا مَا سَنَّهُ وُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ ﷺ; فَهُوَ سُّنَّةَ; لَا بِدْعَةَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ نَصٌّ عَلَيْهِ عَلَى الْخُصُوصِ، فَقَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ نَصُّ حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ﵁ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا،

1 / 117