إعراب القرآن للأصبهاني

إسماعيل الأصبهاني ت. 535 هجري
25

إعراب القرآن للأصبهاني

الناشر

بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م

مكان النشر

الرياض

فصل: ومما يسأل عنه: كيف اتصل قوله تعالى (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بقوله (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ)؟ والجواب: أنّه يتصل كما يتصل تفصيل الجملة بعضه ببعضٍ؛ لأنّه لما وصف نفسه تعالى بما يُدلُّ به على القدرة والاستيلاء وصل ذلك بوصفه بالعلم؛ إذ بهما يصح الفعل على جهة الإحكام والإتقان. ووجه آخر: وهو أنّه دل على أنّه عالم بجميع ما فعله وبما يؤول إليه حاله. * * * فصل: ومما يسأل عنه أن يقال: هل يوجب (ثُمَّ) في قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) أنّ يكون خلق السماء بعد الأرض؟ قيل: لا يوجب من قِبَل أنّ قوله (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) إنما يدلُّ على أنّه جعلها سبعا بعد ما خلق الأرض، وقد كانت السماء مخلوقة كما قال أهل التفسير إنّها كانت قبل دخانا، وقال الأخفش: هو كما تقول للصانع. اعمل هذا الثوب، وإنما معك غزل، وقد اعترض قومٌ من الجهَّال في هذا فقالوا: إذا كان قوله (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ) إلى قوله (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) إلى قوله (طَائِعِينَ) موافقًا لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) في أنّه يوجب أنّ خلق السماء بعد الأرض، ثم قال في موضع آخر: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) ثم قال (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)، فأوجب هذا أنّ يكون خلقُ الأرض بعد السماء، فظنوا لجهلهم أنّ

1 / 24