الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ
محقق
سالم بن غتر بن سالم الظفيري
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
الْأَمْوَالَ (قَدْ) (^١) كَثُرَتْ، وَمَا قَسَّمْنَاهُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ، فَكَيْفَ التَّوَصُّلُ إِلَى مَا يَضْبِطُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ، وَهُوَ مَلِكُ الْأَهْوَازِ، وَكَانَ قَدْ أُسِرَ عِنْدَ فُتُوحِ فَارِسَ وَحُمِلَ إِلَى عُمَرَ فَأَسْلَمَ: إِنَّ لِلْعَجَمِ حِسَابًا يُسَمُّونَهُ (مَاهْ رُوزْ) وَيُسْنِدُونَهُ إِلَى مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَكَاسِرَةِ. فَعَرَّبُوا لَفْظَةَ (مَاهْ رُوزْ) بِمُؤَرِّخٍ وَجَعَلُوا مَصْدَرَهُ التَّارِيخَ، وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي وُجُوهِ التَّصْرِيفِ، ثُمَّ شَرَحَ لَهُمُ الْهُرْمُزَانُ كَيْفِيَّةَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: ضَعُوا لِلنَّاسِ تَارِيخًا يَتَعَامَلُونَ عَلَيْهِ، وَتَصِيرُ أَوْقَاتُهُمْ مَضْبُوطَةً فِيمَا يَتَعَاطَوْنَهُ مِنْ مُعَامَلَاتِهِمْ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ مِنْ مُسْلِمِي الْيَهُودِ: لَنَا حِسَابٌ مِثْلُهُ نُسْنِدُهُ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِ. فَمَا ارْتَضَاهُ الْآخَرُونَ لِمَا فِيهِ مِنَ الطُّولِ، وَقَالَ قَوْمٌ: نَكْتُبُ عَلَى تَارِيخِ الْفُرْسِ. فَقِيلَ: إِنْ تَارِيخَهُمْ غَيْرُ مُسْتَنِدٍ (^٢) إِلَى مَبْدَأٍ مُعَيَّنٍ، بَلْ كُلَّمَا قَامَ فِيهِمْ مَلِكٌ ابْتَدَؤُوا مِنْ لَدُنْ قِيَامِهِ وَطَرَحُوا مَا قَبْلُهُ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا تَارِيخَ دَوْلَةِ الْإِسْلَامِ مِنْ لَدُنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْهِجْرَةِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَحَدٌ، بِخِلَافِ وَقْتِ مَبْعَثِهِ فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَكَذَا وَقْتُ وِلَادَتِهِ لَيْلَةً وَسَنَةً، وَأَمَّا وَقْتُ وَفَاتِهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَا يَحْسُنُ عَقْلًا أَنْ يُجْعَلَ الْأَصْلَ لِمَبْدَأِ التَّارِيخِ، وَأَيْضًا فَوَقْتُ الْهِجْرَةِ وَقْتُ اسْتِقَامَةِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، وَتَرَادُفِ الْوُفُودِ، وَاسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مِمَّا يُتَبَرَّكُ بِهِ، وَيَعْظُمُ وَقْعُهُ فِي النُّفُوسِ.
* * *
(^١) ساقط من ق، ز.
(^٢) في أ: مسند، والمثبت من باقي النسخ.
1 / 256