وكان النبي صلى الله عليه وسلم، محسنا لنا متجاوزا عن سيئاتنا فلم لم تفعل أنت كذلك؟ كأنك خالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فسكت زمانا ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أفصح العرب لسانا ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح: نحن يا معاوية.
قال: ولم ذلك؟ قال: لأن امرأ القيس بن حجر الكندي منا قال في بعض قصائده:
يطعمون الناس غبا ... في السنين الممحلات
في جفان كالخوابي ... وقدور راسيات
وقد تكلم بألفاظ جاء مثلها في القرآن، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
قال: فسكت معاوية زمانا وقال: أيها الناس، من أقوى العرب شجاعة وذكرا ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح: نحن يا معاوية.
قال: ولم ذلك؟ قال: لأن منا عمرو بن معد يكرب الزبيدي، كان فارسا في الجاهلية وفارسا في الإسلام وشهد له بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال له معاوية: وأين أنت وقد أتي به مصفدا بالحديد؟ فقال له الطرماح: ومن أتى به؟ قال معاوية: أتى به علي.
قال الطرماح: والله لو عرفت مقداره لسلمت إليه الخلافة ولا طمعت فيها أبدا.
فقال له معاوية: أتحجني يا عجوز اليمن؟ قال: نعم أحجك يا عجوز مضر لأن عجوز اليمن بلقيس آمنت بالله، وتزوجت بنبيه سليمان بن داود، عليهما السلام، وعجوز مضر جدتك التي قال الله في حقها: " وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ".
قال: فسكت معاوية زمانا ثم رفع رأسه وقال: جزاك الله خيرا من صاحب ووفر عقلك ورحم سلفك وأعطاه وأحسن إليه، انتهى.
صفحة ٣١