وحدثنا السيد أبو العباس رحمه الله قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله المقري إملاء، قال: حدثنا الحسين بن علي بن حماد المنقري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد السعدي قال: حدثنا عمرو بن وهب الطائي عن عمر بن سعيد عن محمد بن جابر عن أبي إسحاق يعني السبيعي قال: غزا رجل من أهل الشام غزوة صفين مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فلما انصرف قال له:يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أبقضاء من الله وقدر؟ قال له: نعم يا أخا أهل الشام، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا، ولا علونا تلعة إلا بقضاء من الله وقدر، فقال الشامي: عند الله احتسب عنائي، ما لي إذا من أجر، فقال له علي عليه السلام: ويحك يا أخا أهل الشام لعلك ظننت قضاء لا زما وقدرا حتما، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد من الله والأمر والنهي، وما كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المسيء، ولا المسيء أولى بعقوبة الذنب من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان، وحزب الشيطان، وخصماء الرحمان، وقدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله تبارك وتعالى أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، وكلف يسيرا، لم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا، ولم يرسل الأنبياء عبثا، ولم ينزل الكتاب لعبا، وما خلق السماوات والأض ولا أرى عجايب الآيات باطلا{ذلك ظن الذين كفروافويل للذين كفروا من النار }[ص:27]، فقام الشامي مسرورا لما سمع مقالة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فقبل رأسه، وأنشأ يقول:
أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته .... يوم النشور من الرحمن رضوانا
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا .... جزاك ربك عنا فيه إحسانا
متى يشككنا بالريب ذو سفه .... نلقى لديك له شرحا وتبيانا
ولم نضل إن تمسكنا بحبلكم .... بذاك أحمد عن ذي العرش أوصانا
نفسي الفداء لخير الخلق كلهم .... بعد النبي علي الخير مولانا
أخو النبي ومولى المؤمنين معا .... وأول الناس تصديقا وإيمانا
وبعل بنت رسول الله سيدنا .... أكرم به وبها سرا وإعلانا
صفحة ١٦