إبطال التأويلات لأخبار الصفات
محقق
أبي عبد الله محمد بن حمد الحمود النجدي
الناشر
دار إيلاف الدولية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الكويت
لا يُنَافِي بَيْنَ نَافِي لِجَمِيعِ الصِّفَاتِ وَهُمُ الْقَدَرِيَّةِ وَبَيْنَ مُثْبِتٍ لِبَعْضِهَا وَنَافٍ لِبَعْضِهَا، وَنَهَى النَّبِيُّ، ﷺ، عَنِ الْكَلامِ فِي ذَلِكَ، مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ بِمَا يُنَافِي مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَجَاءَتْ بِهِ الأَخْبَارُ كَالنَّصَارَى الَّذِينَ وَصَفُوهُ سُبْحَانَهُ بِالْجَوْهَرِ، وَالْمُجَسَّمَةِ الَّذِينَ وَصَفُوهُ بِالْجِسْمِ، وَالْمُشَبَّهَةِ الَّذِينَ شَبَّهُوا صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ.
٣ - وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ التَّشْبِيهَ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: الْمُشَبَّهَةُ تَقُولُ: بَصَرٌ كَبَصَرِي، وَيَدٌ كَيَدِي، وَقَدَمٌ كَقَدَمِي، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ.
٤ - وَقَالَ فِي رِوَايَةِ يُوسُف بْنِ مُوسَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الشورى: ١٢).
وَلا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ذَمِّ مُثْبِتِي الصِّفَاتِ لأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَقَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَوَصَفَهُ رَسُولُهُ بِالأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ سَلَفُ هَذِهِ الأُمَّةِ، عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِيهِ بِمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ.
وَأَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَجُوزُ رَدُّ هَذِهِ الأَخْبَارِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَلا التَّشَاغُلُ بِتَأْوِيلِهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأَشْعَرِيَّةُ وَالْوَاجِبُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَنَّهَا صِفَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى لا تُشْبِهُ سَائِرَ الْمَوْصُوفِينَ بِهَا مِنَ الْخَلْقِ، وَلا نَعْتَقِدُ التَّشْبِيهَ فِيهَا، لَكِنْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ شَيْخِنَا وَإِمَامِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ
1 / 43