حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة
محقق
د مصطفى الخن - ومحي الدين مستو
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١هـ/ ١٩٨١م
مكان النشر
بيروت
وَعَن بعض الْعلمَاء إِنِّي أَخَاف من النِّسَاء مَا لَا أَخَاف الشَّيْطَان فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُول ﴿إِن كيد الشَّيْطَان كَانَ ضَعِيفا﴾ وَقَالَ للنِّسَاء (إِن كيدكن عَظِيم) وَلِأَن الشَّيْطَان يوسوس مسارقة وَهن يواجهن بِهِ الرِّجَال وَقَالَ الحفناوي هَذَا فِيمَا يتَعَلَّق بِأَمْر الْجِمَاع والشهوة لَا أَنه عَظِيم على الْإِطْلَاق إِذْ الرِّجَال أعظم مِنْهُنَّ فِي الْحِيَل والمكايدة فِي غير مَا يتَعَلَّق بالشهوة
ثمَّ خَاطب الْعَزِيز يُوسُف ﵇ بقوله ﴿يُوسُف أعرض عَن هَذَا﴾ وأكتمه وَلَا تَتَحَدَّث بِهِ حَتَّى لَا يفشو ويشيع بَين النَّاس ﴿واستغفري﴾ يَا زليخا ﴿لذنبك﴾ الَّذِي وَقع مِنْك ﴿إِنَّك كنت من الخاطئين﴾ أَي من جنسهم برمي يُوسُف بالخطيئة
﴿وَقَالَ نسْوَة﴾ جمَاعَة من النِّسَاء ﴿فِي الْمَدِينَة﴾ هِيَ مصر وَقيل مَدِينَة الشَّمْس ﴿امْرَأَة الْعَزِيز تراود فتاها عَن نَفسه﴾ وَهُوَ يمْتَنع مِنْهَا ﴿قد شغفها حبا﴾ أَي غلبها حبه وَقيل دخل حبه فِي شغافها وَهُوَ غلاف الْقلب وَهُوَ جلدَة عَلَيْهِ وَقيل هُوَ وسط الْقلب وَقَالَ ابْن عَبَّاس قَتلهَا حب يُوسُف
قَالَ السَّيِّد غُلَام على آزاد البلجرامي فِي سبْحَة المرجان فِي آثَار هندوستان لَا إستعباد فِي إِظْهَار الْعِشْق من جَانب الْمَرْأَة أما ترى فِي الْقُرْآن الْكَرِيم غرام امْرَأَة الْعَزِيز بِيُوسُف ﵇ والأهاند يذكرُونَ الْعِشْق فِي تغزلاتهم من جَانب الْمَرْأَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرجل خلاف الْعَرَب وَسَببه أَن الْمَرْأَة فِي دينهم لَا تنْكح إِلَّا زوجا وَاحِدًا فحظ عيشها مَنُوط بحياة الزَّوْج وَإِذا مَاتَ تحرق نَفسهَا مَعَه والعشق بَين الرجل وَالْمَرْأَة وضع إلهي فَتَارَة يكون من الطَّرفَيْنِ وَتارَة يكون من أَحدهمَا وَإِذا لوحظ الْوَضع الإلهي فالمرأة معشوقة عاشقة وَالرجل عاشق معشوق وَأهل الْهِنْد وافقوا الْعَرَب فِي التغزل بِالنسَاء بِخِلَاف الْفرس وَغَيرهم فَإِن تغزلهم بالمرد فَقَط وَلَا ذكر للْمَرْأَة فِي أغزالهم ولعمر الْمحبَّة إِنَّهُم لظالمون حَيْثُ يضعون الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه كَمَا قَالَ ﷾ فِي قوم لوط ﵇ ﴿وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد﴾ والمولدون من
1 / 116