aegis
ذا الذؤابات، يملؤها الذعر، الذي تحيط به لوكي، روح الهزيمة المنكرة، من كل جانب كالتاج وبداخله روح آريس ربة الشقاق، وروح الجرأة وروح الهجوم التي تجمد الدم في العروق، وبداخله رأس الوحش الرهيب، الجورجونة، الرهيبة والمهولة، النذيرة بزيوس الذي يحمل الدرع «أيجيس». وعلى رأسها وضعت الخوذة المصنوعة من الذهب ذات القرنين وبها أربعة نقوش بارزة، والمزينة بصور رجال مدججين بالسلاح من مائة مدينة. ثم امتطت العربة النارية وقبضت على رمحها الثقيل والضخم والقوي، الذي به تشتت صفوف الرجال من المحاربين الذين تصب عليهم غضبها؛ فهي ابنة السيد الجبار. وبسرعة لمست هيرا الخيول بالسوط. (الإلياذة، 5، 733-748)
يعد هذا الوصف مصدر إلهام لآلاف التجسيدات القديمة للإلهة، ولكن يوجد في سياقها سخرية وخفة ظل في وصف أنثى ترتدي الدروع كما لو كانت آخيل أو أجاممنون. عندما تعتلي عربة ديوميديس، «أحدث محور العربة المصنوع من خشب البلوط صريرا عاليا تحت وطأة ثقلها؛ إذ كانت تحمل إلهة رهيبة ومحاربا لا نظير له» (الإلياذة، 5، 838).
إن هذا المزج الممتع للعادات المتصلة بالواقع - كالاستعداد للمعركة، والانتقال بالعربة، والقتال - مع الحصانة الواجبة للآلهة يبلغ ذروته عندما يطعن ديوميديس آريس في أحشائه، بمساعدة أثينا، ويطلق صرخة عالية كصرخة عشرة آلاف محارب. ويضطر إله الحرب البائس المقهور إلى الشكوى لوالده زيوس بشأن المصير القاسي الذي ابتلي به في الحياة. ويلقي زيوس باللوم كله على زوجته! (7) «جلاوكوس وديوميديس» (6، 119-236)
يفترض أن تكون القصة الكبرى هي اطلاعنا على الطريقة التي يهزم بها الآخيون بموجب وعد زيوس لثيتيس، ولكن في واقع الأمر أن الآخيين بقيادة ديوميديس وأياس وأوديسيوس ومينلاوس وأجاممنون يسحقون الطرواديين. فثلاثة طرواديين يلقون حتفهم في مقابل كل واحد من الآخيين. لا بد وأن هوميروس قد توارث تراثا خصبا يحكي عن انتصارات الآخيين، يعود بلا شك لأسلاف أمثال هؤلاء من مقاتلي العصور القديمة، وتراثا هزيلا يحكي عن انتصار الطرواديين.
أيا كان الأمر، يستغل هوميروس تفوق الآخيين ليدفع هيلينوس، العراف، شقيق هيكتور إلى إرسال هيكتور إلى المدينة للتضرع إلى أثينا. وليس الأمر أن الأحداث تتطلب مثل هذا التضرع في هذه اللحظة، وإنما يريد هوميروس أن يظهر لنا شيما معينة لدى هيكتور الرجل الذي سوف يقتل عما قريب على يد آخيل.
في ذلك الحين، يتيح لقاء جلاوكوس، ابن هيبولوخوس، من ليكيا (الساحل الجنوبي الأوسط لتركيا المعاصرة)، وديوميديس، ابن توديوس، من أرجوس (في شبه جزيرة بيلوبونيز) فرصة لالتقاط الأنفاس من سفك الدماء ونهاية هادئة لمآثر ديوميديس البطولية في ميدان الحرب الدموية. كان ديوميديس قد جرح لتوه إلهين واستعان بأثينا للقيام بدور قائدة مركبته، ولكنه يتوقف لبرهة عندما يرى جلاوكوس، معتقدا أنه قد يكون إلها. (لم يهاجم ديوميديس آريس إلا بتوجيه من أثينا.) يقص ديوميديس قصة صغيرة عن معاناة البشر عندما يدخلون في صراع مع الآلهة، وعن ملك تراقيا المدعو ليكورجوس والذي طارد ديونيسوس إلى البحر ولكنه دفع ثمنا باهظا جراء ذلك، وهي إحدى الإشارات القليلة إلى الإله البهيج ديونيسوس في القصائد الهوميرية، ولعل جمهور هوميروس الأرستقراطي لم يرحب بهذا الإله الجامح وبالإباحية التي صاحبت عبادته. تمثل قصة ليكورجوس ما ندعوه «أسطورة»، على الرغم من أن هوميروس لا يستخدم كلمة
muthos
على هذا النحو مطلقا.
وردا عليه يقص جلاوكوس، هو الآخر، «أسطورة»، هي عبارة عن سلسلة نسب تحتوي قصة بيليرفونتيس، الذي ذبح وحش الكمير الضاري، وهي حكاية شعبية شرقية تحتوي على الإشارة الوحيدة للكتابة في القصائد الهوميرية (انظر أعلاه؛ الفصل 1، قسم «لوح بيليرفونتيس: حجج فريدريش أوجست وولف».). يطلق الباحثون في الأدب الشعبي على هذا النمط القصصي اسم «زوجة فوطيفار» نسبة إلى يوسف في الكتاب المقدس، الذي خانته زوجة فوطيفار الشهوانية وأودت به إلى السجن. في قصة جلاوكوس، رغبت ملكة إفيري (أي مدينة كورنث [كورنثوس]) في مضاجعة بيليرفونتيس الوسيم، إلا أنه رفضها. فقالت لزوجها الملك إن بيليرفونتيس قد تحرش بها جنسيا. ولم يستطع الملك أن يقتل ضيفه، مثلما استحق تماما، دون أن يخالف الأعراف المقدسة
صفحة غير معروفة