هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
محقق
محمد أحمد الحاج
الناشر
دار القلم- دار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
جدة - السعودية
تصانيف
العقائد والملل
وَعَبْدِ اللَّهِ، فَأَمَرَهُ الْأُسْقُفَّ فَتَنَحَّى نَاحِيَةً. فَلَمَّا اجْتَمَعَ الرَّأْيُ مِنْهُمْ عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ جَمِيعًا أَمَرَ الْأُسْقُفُّ بِالنَّاقُوسِ فَضُرِبَ بِهِ، وَرُفِعَتِ الْمُسُوحُ بِالصَّوَامِعِ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ إِذَا فَزِعُوا بِالنَّهَارِ، وَإِذَا كَانَ فَزَعُهُمْ بِاللَّيْلِ ضُرِبَ بِالنَّاقُوسِ، وَرُفِعَتِ النِّيرَانُ فِي الصَّوَامِعِ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْوَادِي أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ، وَطُولُهُ مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلرَّاكِبِ السَّرِيعِ، وَفِيهِ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ قَرْيَةً وَعِشْرُونَ وَمِائَةُ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَسَأَلَهُمْ عَنِ الرَّأْيِ فِيهِ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَهْلِ الرَّأْيِ أَنْ يَبْعَثُوا شُرَحْبِيلَ بْنَ وَدَاعَةَ الْهَمَذَانِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ شُرَحْبِيلَ، وَجَبَّارَ بْنَ فَيْضٍ، فَيَأْتُوا بِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
فَانْطَلَقَ الْوَفْدُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمَدِينَةِ، وَضَعُوا ثِيَابَ السَّفَرِ عَنْهُمْ، وَلَبِسُوا حُلَلًا لَهُمْ يَجُرُّونَهَا مِنْ حِبَرَةٍ وَخَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، ثُمَّ انْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ ﵈، وَتَصَدَّوْا لِكَلَامِهِ نَهَارًا طَوِيلًا، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ وَعَلَيْهِمْ تِلْكَ الْحُلَلُ وَالْخَوَاتِيمُ الذَّهَبُ، فَانْطَلَقُوا يَتَّبِعُونَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَكَانَا مَعْرِفَةً لَهُمْ، كَانَا يَبْعَثَانِ الْعِيرَ إِلَى نَجْرَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَشْتَرِي لَهُمَا مِنْ بُرِّهَا وَثَمَرِهَا، فَوَجَدُوهُمَا فِي نَاسٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالُوا: يَا عُثْمَانُ، وَيَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، إِنَّ نَبِيَّكُمْ كَتَبَ إِلَيْنَا بِكِتَابٍ، فَأَقْبَلْنَا مُجِيبِينَ لَهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ سَلَامَنَا، فَتَصَدَّيْنَا لِكَلَامِهِ نَهَارًا طَوِيلًا فَأَعْيَانَا أَنْ يُكَلِّمَنَا، فَمَا الرَّأْيُ مِنْكُمَا، أَنَعُودُ أَمْ نَرْجِعُ إِلَيْهِ؟
فَقَالَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - وَهُوَ فِي الْقَوْمِ -: مَا تَرَى يَا أَبَا الْحَسَنِ فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟
1 / 303