هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
محقق
محمد أحمد الحاج
الناشر
دار القلم- دار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
جدة - السعودية
تصانيف
العقائد والملل
بَعْضِ الْمَعَادِنِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمَكَاتَبُ؟ فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّهَا مِمَّا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ مِمَّا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: خُذْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا مَا عَلَيْكَ، فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ مِنْهَا لَهُمْ، فَوَاللَّهِ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً وَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ، فَشَهِدَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْخَنْدَقَ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ.
وَكَانَ مَلِكُ الشَّامِ وَأَحَدُ أَكَابِرِ عُلَمَائِهِمْ بِالنَّصْرَانِيَّةِ (هِرَقْلُ) قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَعَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَبَى عَلَيْهِ عُبَّادُ الصَّلِيبِ، فَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، وَضَنَّ بِمُلْكِهِ - مَعَ عِلْمِهِ - بِأَنَّهُ سَيُنْقَلُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأُمَّتِهِ، وَنَحْنُ نَسُوقُ قِصَّتَهُ.
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ فَبَيْنَا أَنَا فِي الشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى هِرَقْلَ، وَقَدْ كَانَ دَحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي، فَدَعَا بِتُرْجُمَانِهِ فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ. ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: سَلْهُ، كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ:
1 / 275