هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
47

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

محقق

محمد أحمد الحاج

الناشر

دار القلم- دار الشامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

مكان النشر

جدة - السعودية

سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ مَنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَيَحْمِلَهُمْ، فَفَعَلَ. فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِخَيْبَرَ، فَشَخَصُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ، فَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُدْخِلُوهُمْ فِي سِهَامِهِمْ فَفَعَلُوا. فَهَذَا مَلِكُ النَّصْرَانِيَّةِ قَدْ صَدَّقَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ. وَكَمْ مِثْلُهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ مِمَّنْ هَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النَّصَارَى، فَدَخَلَ فِي الدِّينِ، وَهُمْ أَكْثَرُ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ مِمَّنْ أَقَامَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ بِمَكَّةَ عِشْرُونَ رَجُلًا أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ مِنَ النَّصَارَى، حِينَ بَلَغَهُمْ خَبَرُهُ مِنَ الْحَبَشَةِ، فَوَجَدُوهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسُوا إِلَيْهِ وَكَلَّمُوهُ، وَقُبَالَتُهُ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ. فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ مَسْأَلَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَمَّا أَرَادُوا دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى اللَّهِ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا سَمِعُوهُ فَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ، ثُمَّ اسْتَجَابُوا لَهُ وَآمَنُوا، وَصَدَّقُوهُ وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا كَانَ يُوصَفُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِمْ مِنْ أَمْرِهِ، فَلَمَّا قَامُوا عَنْهُ اعْتَرَضَهُمْ أَبُو جَهِلِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - بْنُ هِشَامٍ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا لَهُمْ: خَيَّبَكُمُ اللَّهُ مِنْ رَكْبٍ بَعَثَكُمْ مَنْ وَرَائَكُمْ مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ تَرْتَادُونَ إِلَيْهِمْ لِتَأْتُوهُمْ بِخَبَرِ الرَّجُلِ، فَلَمْ تَطْمَئِنَّ مَجَالِسُكُمْ عِنْدَهُ حَتَّى فَارَقْتُمْ دِينَكُمْ وَصَدَّقْتُمُوهُ بِمَا قَالَ؟! مَا نَعْلَمُ رَكْبًا أَحْمَقَ مِنْكُمْ؟ أَوْ كَمَا قَالُوا. فَقَالُوا: سَلَامٌ

1 / 263