هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
محقق
محمد أحمد الحاج
الناشر
دار القلم- دار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
جدة - السعودية
تصانيف
العقائد والملل
الْحَخَامِيمَ فِي عِلْمِ الذِّبَاحَةِ وَرَتَّبُوهَا وَنَسَبُوهَا إِلَى اللَّهِ، فَأَطْرَحَهَا الْقَرَّاءُونَ كُلَّهَا وَأَلْغَوْهَا، وَصَارُوا لَا يُحَرِّمُونَ شَيْئًا مِنَ الذَّبَائِحِ الَّتِي يَقُولُونَ ذَبْحَهَا أَلْبَتَّةَ، وَلَهُمْ فُقَهَاءُ أَصْحَابُ تَصَانِيفَ إِلَّا أَنَّهُمْ يُبَالِغُونَ فِي الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، وَهُمْ أَصْحَابُ ظَوَاهِرَ مُجَرَّدَةٍ، وَالْأَوَّلُونَ أَصْحَابُ اسْتِنْبَاطٍ وَقِيَاسَاتٍ.
الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: يُقَالُ لَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَفِيهِمُ الْحَخَامِيمُ الْكَذَّابُونَ عَلَى اللَّهِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ كَانَ يُخَاطِبُ جَمِيعَهُمْ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بِالصَّوْتِ وَالْحَرْفِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ (بَثُّ قَوْلٍ) وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ أَشَدُّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ، فَإِنَّ الْحَخَامِيمَ أَوْهَمُوهُمْ بِأَنَّ الذَّبَائِحَ لَا يَحِلُّ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرُوهَا، فَإِنَّ سَائِرَ الْأُمَمِ لَا تَعْرِفُ هَذَا، وَإِنَّهُ شَيْءٌ خُصُّوا بِهِ وَمُيِّزُوا بِهِ عَمَّنْ سِوَاهُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ شَرَّفَهُمْ بِهِ كَرَامَةً لَهُمْ، فَصَارَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَمَا يَنْظُرُ إِلَى الدَّابَّةِ، يَنْظُرُ إِلَى ذَبَائِحِهِ كَمَا يَنْظُرُ إِلَى الْمَيْتَةِ.
وَأَمَّا الْقَرَّاءُونَ فَأَكْثَرُهُمْ خَرَجُوا إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَنَفَعَهُمْ تَمَسُّكُهُمْ بِالظَّوَاهِرِ وَعَدَمِ تَحْرِيفِهِمْ إِلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ اسْتِعْدَادًا لِقَبُولِ الْإِسْلَامِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِسَاءَةُ ظَنِّهِمْ بِالْفُقَهَاءِ الْكَذَّابِينَ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ وَطَعْنِهِمْ عَلَيْهِمْ.
الثَّانِي: تَمَسُّكُهُمْ بِالظَّوَاهِرِ وَعَدَمُ تَحْرِيفِهَا وَإِبْطَالِ مَعَانِيهَا.
وَأَمَّا أُولَئِكَ الرَّبَّانِيُّونَ، فَإِنَّ فُقَهَاءَهُمْ وَحَخَامِيمَهُمْ حَصَرُوهُمْ فِي مِثْلِ سَمِّ الْخِيَاطِ، بِمَا وَضَعُوا لَهُمْ مِنَ التَّشْدِيدَاتِ وَالْأَغْلَالِ وَالْآصَارِ الْمُضَافَةِ إِلَى الْأَغْلَالِ وَالْآصَارِ، الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ عُقُوبَةً لَهُمْ، وَكَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَقَاصِدُ:
2 / 473