هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
محقق
محمد أحمد الحاج
الناشر
دار القلم- دار الشامية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
جدة - السعودية
تصانيف
العقائد والملل
وَفِي التَّوْرَاةِ: وَلَحْمٌ فِي الصَّحْرَاءِ فَرِيسَةٌ لَا تَأْكُلُوهُ، فَهَذَا الَّذِي حَرَّمَتْهُ التَّوْرَاةُ مِنَ الطَّرِيفَا، وَهَذَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي التِّيهِ، وَقَدِ اشْتَدَّ قَرَمُهُمُ إِلَى اللَّحْمِ فَمُنِعُوا مِنْ أَكْلِ الْفَرِيسَةِ وَالْمَيْتَةِ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي خُرَافَاتٍ وَهَذَيَانَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالرِّئَةِ وَقَالُوا: مَا كَانَ مِنَ الذَّبَائِحِ سَلِيمًا مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَهُوَ " دَخْيَا "، وَتَفْسِيرُهُ: طَاهِرٌ مُذَكًّى، وَمَا كَانَ خَارِجًا عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ طَرِيفَا، وَتَفْسِيرُهُ: نَجِسٌ حَرَامٌ.
ثُمَّ قَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي التَّوْرَاةِ: وَلَحْمُ فَرِيسَةٍ فِي الصَّحْرَاءِ لَا تَأْكُلُوهُ لِلْكَلْبِ أَلْقَوْهُ، يُعْنَى: إِذَا ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةً وَلَمْ تُوجَدْ فِيهَا هَذِهِ الشُّرُوطُ فَلَا تَأْكُلُوهَا، بَلْ بِيعُوهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ، قَالُوا: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لِلْكَلْبِ أَلْقَوْهُ أَيْ: لِمَنْ لَيْسَ عَلَى مِلَّتِكُمْ، فَهُوَ الْكَلْبُ فَأَطْعِمُوهُ إِيَّاهُ بِالثَّمَنِ.
فَتَأَمَّلْ هَذَا التَّحْرِيفَ وَالْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى التَّوْرَاةِ وَعَلَى مُوسَى، وَلِذَلِكَ كَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ، فَقَالَ فِي السُّورَةِ الْمَدَنِيَّةِ الَّتِي خَاطَبَ فِيهَا أَهْلَ الْكِتَابِ: فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَقَالَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
2 / 471