215

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

محقق

محمد أحمد الحاج

الناشر

دار القلم- دار الشامية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

مكان النشر

جدة - السعودية

عَلَى شَرْعِ صَوْمِ إِحْرَاقِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَصَوْمِ حِصَارٍ، وَصَوْمِ كَدَلْيَا، وَفَرْضِهِمْ ذَلِكَ صَوْمًا، وَصَوْمِ صَلْبِ هَامَانَ، وَقَدِ اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ زَادُوهَا لِأَسْبَابٍ اقْتَضَتْهَا، وَتَوَاطَئُوا بِذَلِكَ عَلَى مُخَالَفَةِ مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ التَّوْرَاةُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تَزِيدُوا عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ شَيْئًا، وَلَا تُنْقِصُوا مِنْهُ شَيْئًا. فَتَوَاطَئُوا عَلَى الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَتَبْدِيلِ أَحْكَامِ اللَّهِ، كَمَا تَوَاطَئُوا عَلَى تَعْطِيلِ فَرِيضَةِ الرَّجْمِ عَلَى الزَّانِي وَهِيَ فِي التَّوْرَاةِ نَصًّا. وَكَذَلِكَ تَوَاطَئُوا عَلَى امْتِنَاعِ النَّسْخِ عَلَى اللَّهِ فِيمَا شَرَعَهُ لِعِبَادِهِ تَمَسُّكًا مِنْهُ بِالْيَهُودِيَّةِ، وَقَدْ كَذَّبَتْهُمُ التَّوْرَاةُ وَسَائِرُ النُّبُوَّاتِ.
وَمِنَ الْعَجَائِبِ حَجْرُهُمْ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَنْسَخَ مَا شَرَعَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْبَدَاءُ ثُمَّ يَقُولُونَ: إِنَّهُ نَدِمَ وَبَكَى عَنِ الطُّوفَانِ، وَعَادَ فِي رَأْيِهِ وَنَدِمَ عَلَى خَلْقِ الْإِنْسَانِ، وَهَذِهِ مُضَارَعَةٌ لِإِخْوَانِهِمْ مِنْ عُبَّادِ الصَّلِيبِ الَّذِينَ نَزَّهُوا رُهْبَانَهُمْ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَنَسَبُوهُمَا إِلَى الْفَرْدِ الصَّمَدِ.
وَمِنْ ذَلِكَ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْمُلْكِ يَعُودُ إِلَيْهِمْ، وَتَرْجِعُ الْمِلَلُ كُلُّهَا إِلَى مِلَّةِ الْيَهُودِ وَيَصِيرُونَ قَاهِرِينَ لِجَمِيعِ الْمِلَلِ.

2 / 431