هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
محقق
محمد أحمد الحاج
الناشر
دار القلم- دار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
مكان النشر
جدة - السعودية
تصانيف
Creeds and Sects
وَقَوْلُهُ: بِأَيْدِيهِمْ سُيُوفٌ ذَاتُ شَفْرَتَيْنِ، فَهِيَ السُّيُوفُ الْعَرَبِيَّةُ الَّتِي فَتَحَ الصَّحَابَةُ ﵃ بِهَا الْبِلَادَ، وَهِيَ إِلَى الْيَوْمِ مَعْرُوفَةٌ لَهُمْ.
وَقَوْلُهُ: يُسَبِّحُونَ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ، هُوَ نَعْتُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ.
وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ هَذِهِ الْبِشَارَةَ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى النَّصَارَى وَلَا تُنَاسِبُهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يُكَبِّرُونَ اللَّهَ بِأَصْوَاتٍ مُرْتَفِعَةٍ، وَلَا بِأَيْدِيهِمْ سُيُوفٌ ذَاتُ شَفْرَتَيْنِ، يَنْتَقِمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مِنَ الْأُمَمِ، وَالنَّصَارَى تُصِيبُ مَنْ يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ بِالسُّيُوفِ، وَفِيهِمْ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ التَّنْفِيرِ عَنْ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَلِجَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ مُوسَى ﵇ قَاتَلَ الْكُفَّارَ، وَبَعْدَهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَبَعْدَهُ دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَبْلَهُمْ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
قَوْلُ دَاوُدَ: مِنْ أَجْلِ هَذَا بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ إِلَى الْأَبَدِ فَتَقَلَّدْ أَيُّهَا الْجَبَّارُ السَّيْفَ، لِأَنَّ الْبَهَاءَ لِوَجْهِكَ، وَالْحَمْدَ الْغَالِبُ عَلَيْكَ، ارْكَبْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، وَسَمْتَ التَّأَلُّهِ، فَإِنَّ نَامُوسَكَ وَشَرَائِعَكَ مَقْرُونَةٌ بِهَيْبَةِ يَمِينِكَ، وَسِهَامَكَ مَسْنُونَةٌ، وَالْأُمَمَ يَخِرُّونَ تَحْتَكَ.
وَلَيْسَ مُتَقَلِّدًا بِسَيْفٍ بَعْدَ دَاوُدَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَى مُحَمَّدٍ ﷺ، وَهُوَ الَّذِي خَرَّتِ الْأُمَمُ تَحْتَهُ، وَقُرِنَتْ شَرَائِعُهُ بِالْهَيْبَةِ، إِمَّا الْقَبُولُ، وَإِمَّا الْجِزْيَةُ، وَإِمَّا السَّيْفُ. وَهَذَا مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ ﷺ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ.
وَقَدْ أَخْبَرَ دَاوُدُ أَنَّ لَهُ نَامُوسًا وَشَرَائِعَ، وَخَاطَبَهُ بِلَفْظِ الْجَبَّارِ، إِشَارَةً إِلَى قُوَّتِهِ وَقَهْرِهِ
2 / 353