وإنِ كَانَ في كُلّ بَلَدٍ عِشْرُوْنَ فَلاَ زَكَاةَ، فَجَعَلَ التَّفْرِقَةَ في البَلَدَيْنِ كالتَّفْرِقَةِ في الْمُلْكَيْنِ، وهذا في الْمَاشِيَةِ خَاصَّةً دُوْنَ بَقِيَّةِ الأَمْوَالِ، فأَمَّا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لا تقْصُرُ فِيْهَا الصَّلاَةَ ضَمَّ أَحَدَ الْمُلْكَيْنِ إلى الآخَرِ، وعِنْدِي (١): أنَّهُ يَضُمُّ مُلْكَ الإنْسَانِ بَعْضُهُ إلى بَعْضٍ سَوَاءٌ قَرُبَتِ البُلْدَانُ أو تَبَاعَدَتْ. فَعَلَى هَذَا: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّونَ شَاةً في كُلِّ بَلَدٍ، مِنْها عِشْرُونَ خِلْطَةً مَعَ عِشْرينَ لِرَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْجَمِيْعِ، فإنَّهُ يَجِبُ في الْجَمِيْعِ شَاةٌ، نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّيْنَ ونِصْفُهَا عَلَى الْخُلَطَاءِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدسُ شَاةٍ، وعلى مَنْصُوصِ أَحْمَدَ ﵀ إنْ كَانَ بَيْنَ البُلْدَانِ مَسَافَةٌ لا تقْصُرُ فِيْهَا الصَّلاَةَ فالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، تَجِبُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، وإنْ كَانَ بَيْنَهُمْ مسَافَةٌ تُبِيْحُ القَصْرَ وَجَبَ ثَلاثُ شِيَاهٍ؛ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّيْنَ شَاةٌ ونِصْفٌ، وعلى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخُلَطَاءِ نِصْفُ شَاةٍ.
ولا تُؤثِّرُ الْخِلْطَةُ في غَيْرِ الْمَواشِي مِنَ الأَمْوَالِ والأَثْمَانِ والْحُبُوبِ والثِّمَارِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٢)، وَفِي الأُخْرَى: تُؤَثِّرُ كَمَا تُؤَثِّرُ في الْمَاشِيَةِ.
ويَجُوزُ لِلسَّاعِي أنْ يَأْخُذَ الفَرْضَ مِنْ أي مَالِ الْخَلِيْطَيْنِ شَاءَ، سَواءٌ دَعَتِ الْحَاجَةُ إلى ذَلِكَ، بِأَنْ يَكُونَ مَالُ أَحَدِهِمَا صِغَارًا وَمَالُ الآخَرِ كِبَارًا، فإنَّهُ يَجِبُ كَبِيْرَةٌ، أو يَكُونُ مُلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أرْبَعِيْنَ أو سِتِّيْنَ فإِنَّهُ يَأْخُذُ شَاةً، ولا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ إلاَّ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا. أو لَمْ تَدَعْ الْحَاجَةُ بأَنْ يَكُونَ مَالُ كُلِّ واحِدٍ مِئَتي شَاةٍ فَتَجِبُ عَلَيْهِ شَاتَانِ.
فَإِذَا أَخَذَ الفَرْضَ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى خَلِيْطِهِ بِالْقِيْمَةِ، فإِنْ اخْتَلَفَا في قِيْمَةِ الفَرْضِ، فَالْقَولُ قَولُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ إذَا عُدِمَتِ البَيِّنَةُ، فإِنْ أَخَذَ المصدقُ أَكْثَرَ مِنَ الفَرْضِ بِغَيْرِ تأْوِيْلٍ لَمْ يَرْجِعْ بِالزِّيَادةِ عَلَى خَلِيْطِهِ، وإِنْ كَانَ بِتَأْوِيْلٍ مِثْلُ أَخْذِ الكَبِيْرَةِ مِنَ السِّخَالِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ (٣)، وَالصَّحِيْحَةِ عَنِ الْمِرَاضِ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ العَزِيْزِ (٤) أو أخذ