الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

الكلوذاني ت. 510 هجري
110

الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

محقق

عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل

الناشر

مؤسسة غراس للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م

تصانيف

كِتَابُ الجَنَائِزِ (١) بَابُ مَا يُفْعَلُ عِنْدَ المَوْتِ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ ذِكْرُ المَوْتِ (٢)، وأَنْ يَكُونَ مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ، فَإِذَا مَرِضَ اسْتُحِبَّ عِيَادَتُهُ (٣)، فَمَتَى رَجَاهُ العَائِدُ دَعَا لَهُ وانْصَرَفَ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَمُوْتَ رَغَّبَهُ في في التَّوْبَةِ والوَصِيَّةِ. ويُسْتَحَبُّ لأَهْلِهِ إِذَا رَأَوْهُ مَنْزُوْلًا بِهِ أَنْ يُلْزِمُوهُ أَرْفَقَهُمْ بِهِ، وأَعْرَفَهُمْ بِسِيَاسَتِهِ، وأَتْقَاهُمْ لِرَبِّهِ؛ لِيُذَكِّرَهُ باللهِ تَعَالَى، ويَحُضُّهُ عَلَى الخُرُوْجِ مِنَ المَظَالِمِ والتَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ والوَصِيَّةِ، وأَنْ يَتَعَاهَدَ بَلَّ حَلْقِهِ، بِأَنْ يَقْطُرَ فِيْهِ مَاءً أو شَرَابًا، ويُنْدِيَ شَفَتَيْهِ بِخِرْقَةٍ أو قُطْنَةٍ، ويُلَقِّنَهُ قَوْلَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، ولاَ يَزِيْدُ عَلَى ثَلاَثٍ، فَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيءٍ أَعَادَ تَلْقِيْنَهُ؛ لِيَكُونَ آخِرَ كَلاَمِهِ (٤). ويَكُوْنُ جَمِيْعُ ذَلِكَ في لُطْفٍ ومُدَارَاةٍ، ويَقْرَأُ عِنْدَهُ سُوْرَةَ «يس» (٥) ويُوَجِّهُهُ إلى القِبْلَةِ عَلَى ظَهْرِهِ طُوْلًا بِحَيْثُ إِذَا قَعَدَ كَانَ وَجْهُهُ إِلَيْهَا.

(١) جمع جنازة، وَهِيَ بالكسر للإنسان الميت، وبالفتح للسرير، فإذا لَمْ يَكُنْ عليه الميت فهو سرير ونعش. انظر: الصحاح ٣/ ٨٧٠، وتاج العروس ١٥/ ٧٢ (جنز). (٢) لحديث النَّبِيّ ﷺ: «أكثروا ذكر هاذم اللذات»؛ لأن ذكرَ الموت دائمًا يجعل الإنسان مستقيم السير معتدل التعامل كَثِيْر العبادة دوام الاتصال بالله ﷿. والحديث أخرجه أحمد ٢/ ٢٩٢، وابن ماجه (٤٢٥٨)، والترمذي (٢٣٠٧)، وابن حبان (٢٩٩٢)، وابن عدي في الكامل ٥/ ١١٦٤، والحاكم ٤/ ٣٢١، والقضاعي في مسند الشهاب (٦٦٩)، والخطيب ١/ ٣٨٤ و٩/ ٤٧٠ من حديث أبي هُرَيْرَةَ، وانظر: علل الدارقطني ٨/ ٣٩، والتلخيص الحبير ٢/ ١٠٨. (٣) من الأمور المهمة الَّتِي حثّ عليها الإسلام التماسك بَيْنَ المسلمين، فجعل لعيادة المريض الأجر الكبير، فَقَدْ قَالَ عَلِيّ بن أبي طَالِب ﵁: سَمِعْتُ رَسُوْل الله ﷺ يَقُوْل: «ما من مُسْلِم يعود مسلمًا غدوة إلاَّ صلَّى عَلَيْهِ سبعون ألف ملك حَتَّى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حَتَّى يصبح، وَكَانَ له خريف في الجنة. والحديث أخرجه هناد في الزهد (٣٧٢)، وأحمد ١/ ٨١ و١٢٠، وأبو داود (٣٠٩٩)، وابن ماجه (١٤٤٢) والترمذي (٩٦٩)، والبزار (٦٢٠)، وأبو يعلى (٢٦٢)، والحاكم ١/ ٣٤١ و٣٤٩، والبيهقي ٣/ ٣٨٠. (٤) لحديث معاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله ﷺ: «من كَانَ آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة». والحديث أخرجه أحمد ٥/ ٢٤٧، وأبو داود (٣١١٦)، والحاكم ١/ ٣٥١. (٥) لما رواه معقل بن يسار عَنْ رَسُوْل الله ﷺ أنه قَالَ: «اقرؤوها عَلَى موتاكم»، يعني: يس. والحديث أخرجه أحمد ٥/ ٢٦ و٢٧، وأبو داود (٣١٢١)، وابن حبان (٣٠٠٢) ط الرسالة، والطبراني ٢٠/ (٥١٠)، والحاكم ١/ ٥٦٥، والبيهقي ٣/ ٣٨٣. ونقل ابن حجر في التلخيص ٢/ ١١٠: «عَن أبي بكر بن العربي، عن الدارقطني أنه قَالَ: هَذَا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن، ولا يصح في الباب شيء». وَقَالَ ابن حبان عقب تخريجه الحديث ٧/ ٢٧١: «قوله: «اقرؤوا عَلَى موتاكم يس»، أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه».

1 / 118