الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

الكلوذاني ت. 510 هجري
108

الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

محقق

عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل

الناشر

مؤسسة غراس للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م

تصانيف

بَابُ صَلاَةِ الاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ مَسْنُونَةٌ وصِفَتُهَا في مَوْضِعِهَا. وأَحْكَامهَا كَصَلاَةِ العِيْدِ، ويُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنْظِيْفُ، ولاَ يَتَطَيَّبُ، وإِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ لِذَلِكَ وَعَظَ النَّاسَ وأَمَرَهُمْ بالتَّوْبَةِ مِنَ المَعَاصِي، والخُرُوجِ مِنَ المَظَالِمِ، والصِّيَامِ والصَّدَقَةِ وتَرْكِ التَّشَاحُنِ، ثُمَّ يَخْرُجُ مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلًا، ويَخْرُجُ مَعَهُ الشُّيُوخُ والعَجَائِزِ، ويَجُوزُ خُرُوجُ الصِّبْيانِ، وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ (١). فَإِنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بالمُسْلِمِيْنَ، فَإِذَا صَلَّى بِهِمْ خَطَبَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وروِيَ عَنْهُ: أنَّهُ مُخَيَّرٌ. وروي لاَ تُسَنُّ لها الخُطْبَةُ وإِنَّمَا يَدْعُو، والأَوَّلُ أَصَحُّ (٢). فَإِذَا صَعَدَ المِنْبَرَ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بالتَّكْبِيْرِ كَمَا يَفْعَلُ في خُطْبَةِ العِيْدِ، ويُكْثِرُ مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ ﷺ، ويَقْرَأُ فِيْهَا: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ /٥٠ ظ/ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا - يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ... الآيَاتِ﴾ (٣)، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيْثًا مَرِيًّا هَنِيْئًا مُرِيْعًا غَدَقًا (٤) مًجَلَّلًا (٥) سَحًّا (٦) عَامًّا طَبَقًا دَائِمًا. اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ ولاَ تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِيْنَ. اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ ولاَ سُقْيَا عَذَابٍ، ولاَ مَحْقٍ (٧) ولاَ بَلاَءٍ ولاَ هَدْمٍ ولاَ غَرَقٍ، اللَّهُمَّ [إنّ] (٨) بالعِبَادِ والبِلاَدِ والخَلْقِ مِنَ البَلاَءِ والجَهْدِ والضَّنَكِ (٩) مَا لاَ نَشْكُوهُ إلاَّ إِلَيْكَ. اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، واسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ. اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الجَهْدَ والجُوْعَ والعَرِيَّ (١٠)، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ البَلاَءِ مَا لاَ يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّكَ كُنتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا» (١١)، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ في أَثْنَاءِ الخُطْبَةِ ويُحَوِّلُ رِدَاءهُ، فَيَجْعَلُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ

(١) انظر: الشرح الكبير ٢/ ٢٨٧. (٢) انظر: الروايتين والوجهين ٢٣/ ب. (٣) نوح: ١٠ - ١١. (٤) الغدق: الكثير، والماء الغدق: الماء الكثير. انظر: الصحاح ٤/ ١٥٣٦ (غدق). (٥) أي: يعم الأرض بمائه ونباته. انظر: النهاية ١/ ٢٨٩. (٦) سحَّ الماء يَسحُ سحًّا، أي: سال من فوق. انظر: الصحاح ١/ ٣٧٣ (سحح). (٧) المحق: النقص والمحو والإبطال. انظر: النهاية ٤/ ٣٠٣، والصحاح ٤/ ١٥٥٣ (محق). (٨) زيادة يقتضيها السياق. (٩) الضنك: الضيق. انظر: الصحاح ٤/ ١٥٩٨ (ضنك). (١٠) الريح الباردة. انظر: المعجم الوسيط: ٥٩٧. (١١) ذكره الشافعي في الأم ١/ ٢٥١ معلقًا من حديث ابن عمر. قَالَ ابن حجر في التلخيص ٢/ ١٠٥: «هذا الحديث ذكره الشافعي في"الأم" تعليقًا، فَقَالَ: وروي عَنْ سالم عَنْ أبيه، فذكره ... وَلَمْ نقف لَهُ عَلَى إسناد ولا وصله البيهقي في مصنفاته، بَلْ رواه في " المعرفة " من طريق الشافعي قَالَ: ويروى عَنْ سالم بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وقد روينا بَعْض هذه الألفاظ وبعض معانيها في حديث أنس بن مالك، وفي حديث جابر، وفي حديث عَبْد الله بن جراد، وفي حديث كعب بن مرة، وفي حديث غيرهم». وانظر: الْمَعْرِفَة ٣/ ١٠٠.

1 / 116