وشكل الأرض بكليتها وجميع أجزائها شبيه بشكل الكرة لكن سطحه ليس بصحيح الاستدارة بل فيه تضاريس تعرض فيه من تأثيرات حركات الأجرام السماوية إلا أن ذلك ليس بمبطل لكريتها ولا بمخرج عن شكلها بل هي بالاضافة إلى جملتها كالشخونة العارضة في سطح بعض الأكر الصغار. فالأرض بجملتها كرة مستديرة مركزها مركز العالم وهي مستقرة في وسطه ثابتة فيه غير منتقلة إلى جهة من الجهات ولا متحركة بضرب من ضروب الحركات بل هي دائمة السكون.
فأما الماء فإنه محيط بكرة الأرض إلا أنه لما كان ثقيلا وكانت حركاته إلى المركز وكانت كرة الأرض خارجة بينه وبين المركز صار في أقرب الأماكن من المركز فأحاط بكرة الأرض. ولما كانت الأرض متشعثة الظاهر وكانت فيها مواضع منخفضة ومواضع مرتفعة وكان الماء من أجل ثقله يطلب المركز وما قرب من المركز صار منحدرا بالطبع إلى المواضع المنخفضة فبقيت المواضع المرتفعة منكشفة كالجزائر التي تكون في وسط البحر والماء يحيط بها. وكل ما على الأرض من العمارات فهي في هذه الجزائر التي تكون خارجة عن الماء. وسطح الماء الظاهر سطح قطعة من كرة صحيحة الاستدارة متساوية الأجزاء مركزه مركز العالم والخطوط الخارجة من مركز العالم الى جميع النقط التي على سطح كرة الماء متساوية وكذلك كل جزء من الماء وإن كان منفردا كالغدرنات والمستنقعات. فهذا جملة القول على القسمين الثقيلين.
صفحة ٩