حاشية الترتيب لأبي ستة

أبو ستة المحشي ت. 1088 هجري
145

حاشية الترتيب لأبي ستة

قال في القواعد: "ومما يؤثر عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية غسله أنه صلى الله عليه وسلم يغسل يديه وكفيه، ثم يفرغ بيده اليمنى على اليسرى فيغسل بها عورته، ثم يمسح يده اليسرى بالأرض ثم يغسلها، ثم يتوضأ وضوء الصلاة غير القدمين، ثم يصب الماء على رأسه وعلى جسده، ثم يتنحى عن مكانه فيغسل قدميه، وهكذا الغسل من الجنابة، إن أخر الوضوء حتى يغتسل فلا بأس" إلخ، قال في الإيضاح: "وإن أخر الوضوء بعد الغسل لما يخاف أن تلاقي يده عورته في الغسل كان أحوط، والله أعلم" إلخ.

ويؤخذ من كلامهما رحمهما الله أن هذا الوضوء إنما هو للصلاة، فلو اغتسل وترك الوضوء صح اغتساله، لأنه ليس من شروطه صحة الوضوء، والله أعلم، ولكن لما كان غسل الجنابة تعقبه الصلاة غالبا ذكر الوضوء معه، وعند غيرنا في سنيته خلاف، وقال ابن حجر: قوله: "كما يتوضأ للصلاة" فيه احتراز عن الوضوء اللغوي، ويحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد في الغسل، ويحتمل أنه يكفي لغسلها في الوضوء عند إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول جزء، وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها، وليحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى، وإلى الثاني جنح الداودي شارح المختصر من الشافعية فقال: يقدم غسل أعضاء وضوئه على ترتيب الوضوء لكن بنية غسل الجنابة، ونقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل، وهو مردود، فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث، انتهى.

صفحة ١٤٦