ويقول عقيب ذلك: يا عمراه يا عمراه(6) ويعرفه(7) كيف يكيدنا؟ ومن أين يأتينا؟ فلما ولى عمر وظهر أمرنا واستمر، دخلوا في الإمامة كما دخل(8) بنو أمية في النبوة(9) إما رغبة وإما رهبة، وكانوا كما قال الله تعالى: {لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون}[التوبة:48] فقبلناهم عند ذلك وقلنا: لعل ما ظهر على ألسنتهم يبطن، وما قبح من بواطنهم يحسن، فكانوا معنا يسلقوننا(1) بألسنة حداد وتارة ينظروننا بأعين الحساد، وآوانة(2) يذكرون علينا قديم الأوثار (3) والأحقاد، ويدلون على عوراتنا الأضداد، ونحن في خلال ذلك ما غمض من كيدهم أوليناه اصطبارا، وما ظهر وسعناه صفحا واغتفارا، ثم حلفوا لنا مرارا وأكدوا البيعة أسفارا، ثم تركونا حتى نال العدو من أطرافنا ما نال(4)، وآل بنا الأمر إلى أضيق مآل، ومالوا علينا يسرون حسوا(5) في ارتقاء، ويحلبون «شخبا في الأرض وشخبا في الوعاء»(6)، ثم صرحوا بالحرب، وبرزوا للطعن والضرب، ورجعوا عن قول الإمامة، ونسوا مناقشة يوم القيامة.
صفحة ٥٠