وكم يوما سقيت بها الأعادي ... كؤوسا لا يفيق لها صريع
وأما الثالث: وهو أن يكون للمستنصر شوكة وغلبة على من استنصر به فليس ذلك إليكم، بل أنتم خدم للمستنصر به، وأتباع لأتباعه، لا تقدمون أمرا إلا عن أمره، ولا تصدرون(1) فعلا إلا عن إرادته، هو الإمام وأنتم المأمومون وأقوالكم ناطقة بذلك، وأفعالكم شاهدة تدل على ذلك(2) أفعالكم بصعدة في الذمم والمواثيق التي أخللتم بها، وجعلتم وجه الغدر أنكم لا تقدرون على الخلاف ولا سبيل لكم إلى مخالفة أمر سلطانكم، وهذا ظاهر لا يفتقر إلى بيان ولا يشك في صحته «إنسان»(3) ولذلك سلمتم أسرانا إليه، وعلقتم جميع أحكامكم الواقعة عليه على كره منكم.
وأما الشرط الرابع: وهو أن يكون المستنصر ذا ولاية، فلستم هنالك عند أحد من العالمين لقول الله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين}[البقرة:124] ولأن الولاية هي ولاية(4) الإمامة وهي منكم مفقودة، أو ولاية الحسبة وهي باطلة لديكم غير موجودة لوجوه:
أحدها: ما أنتم عليه من الكفر.
والآخر: وجود إمام أبطل حكم الحسبة وثبوت إمامته(5) ووجوب رئاسته؛ لأن الحسبة بدل عما هو أعلى منها، وهو لا يجتمع البدل والمبدل عنه.
صفحة ٨٦