قامت تلك المدينة، كما روى ميغاستين، على ضفاف الغنج وكانت مسطحة مستطيلة جدا وكان يحيط بها سور، وكان يوجد في أسفل هذا السور خندق عريض، وأثار عجب ميغاستين قصر الملك فيها وأسواقها وحوانيتها المملوءة بالسلع الثمينة والمواكب الزاهية التي كانت تجوب شوارعها.
ولم يكن وصف ذلك السفير كل ما لدينا من الوثائق لتمثل إحدى المدن الهندوسية في القرن الثالث قبل الميلاد، فإليك وصفا أكثر تفصيلا مما ورد في رحلة ذلك السفير، جاء في شعر الراماينا الحماسي الذي وضع في زمن أقدم من تاريخها لا ريب:
هي بقعة واسعة دسمة باسمة وافرة الغنى مملوءة بالحبوب والمواشي واقعة على ضفاف سراجو مسماة كوسلا، هنالك كانت مدينة مشهورة في جميع العالم أنشأها سيد البشر منو، فكانت تدعى بأجودهيا.
يا لجمال تلك المدينة ويا لسعادة تلك البلدة التي كان عرضها ثلاثة أودجنا، وكان طول سورها الرائع اثني عشر أودجنا!
كان لتلك المدينة أبواب يفصل بعضها عن بعض مساوف متساوية، وكان يقطعها شوارع كبيرة عريضة، وكان يسطع من هذه الشوارع الشارع الملكي حيث ترشاش الماء يسكن ثائر الغبار.
وكان تجار كثيرون يترددون إلى أسواقها، وكان كثير الحلي يزخرف حوانيتها، وكانت منيعة، وكان كبير البيوت يغطي أرضها، وكانت مزينة بالغياض والحدائق العامة، وكانت تحيط بها الخنادق العميقة التي يتعذر اقتحامها، وكانت دور صناعتها طافحة بأنواع الأسلحة، وكانت الأقواس البديعة تتوج أبوابها فيحرسها النبالة على الدوام.
وكان الملك المنصور العالي الشأن دشرتها يملك تلك المدينة كما يملك الإله إندرا مدينة الخالدين أمراوتي.
وكانت البنود الخافقة ترفرف فوق حنايا مداخلها المنقوشة، وكانت تتمتع بكل ما ينتجه مختلف الفنون والمهن، وكانت زاخرة بالمراكب والخيل والفيلة والعدد والمقامع وآلات الحرب، وكانت طرقها ذوات الأبواب المتينة، وأسواقها الحسنة التوزيع على أبعاد محسوبة حسابا دقيقا تعج بالباعة والسعاة والسياح، وكانت ألوف الجموع تغدو وتعدو فيها، وكانت تحليها العيون الساطعة والبساتين العامة ورداه المجالس وضخم المباني الموزعة توزيعا كاملا، وكانت تبدو محطة لمراكب الآلهة الحية في هذه الدنيا؛ لما فيها من هياكل هذه الآلهة. (4) الحكومة والإدارة
كان نظام الحكم في العصر البرهمي ملكيا مطلقا، فكان الملك يطاع كإله، فإذا ما ارتقى الملك العرش، ولو بعد جناية يقترفها، نظر إليه ممثلا لمشيئة قدسية وقدرة إلهية، جاء في شريعة منو:
يجب ألا يستخف بالملك ولو كان طفلا، وذلك بأن يقال: إنه إنسان، فالألوهية تتجسم في صورة الملك البشرية.
صفحة غير معروفة